
متابعات-(ضوء):
انتقد تركي السديري رئيس تحرير صحيفة «الرياض»، عقوبات لجنة النظر في المخالفات الصحافية في وزارة الثقافة والإعلام، ووصفها بأنها تشبه «الأحكام العسكرية».
وقال السديري في حوار أجراه مقبل الصيعري «الاقتصادية» إنه من غير المنطقي أو الموضوعي، السؤال عن استمراريته رئيسا للتحرير أكثر من 40 عاما، مبينا أن ذلك لم يكن بضغط شخصي وسيطرة منه.
وأضاف «أنا عضو في مؤسسة تضم مجموعة من الأعضاء، وهم من يقيمون العاملين ويحددون استمراريتهم من عدمها.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
في الوقت الذي استوقفني فيه مسؤولو الأمن على بوابة الدخول لجريدة ''الرياض''، إذا بي ألمح مرور تركي السديري رئيس تحرير الصحيفة في طريقه إلى مكتبه. أدركت حينها أن سر نجاح كثير من القيادات يكمن أيضا في احترامهم المواعيد أيا كانت أهميتها، وعندما دلفت إلى مكتبه - وكان الباب مفتوحا - وجدته واقفا، فاقتسم المسافة بيني وبينه، وكان بكامل نشاطه وصحته بعد العملية الجراحية التي خضع لها أخيرا.
وقبل أن يأذن لي بالجلوس .. سألني عن جاهزيتي لإجراء الحوار، فأومأت له بالجاهزية، ولكنه عاد لينظر إلى الوقت وأخبرني أن عنده ارتباطا بعد نصف ساعة، مما دفعني لسرعة طرح الأسئلة لعل الوقت يسعفني. أمام قامة إعلامية أثرت الساحة الإعلامية على مدى أربعة عقود، قبل أن يسهم في تأسيس هيئة الصحفيين السعوديين، التي كانت حلما يراود الجميع، بل ما زال يراوده الطموح في تأسيس بنية قوية للإعلام السعودي ليتواكب مع متطلبات ومعطيات المرحلة التي تمر بها المنطقة على مختلف الأصعدة. وتطرق السديري لكثير من الموضوعات والقضايا التي تتعلق بالشأن الإعلامي في حوار خص به ''الاقتصادية''، فإلى الحوار:
يرتفع كثير من الأصوات تستنكر استمراريتكم رئيسا لصحيفة ''الرياض'' لما يقارب 40 عاما .. هل تعتقد أن أربعة عقود على مقعد رئيس التحرير أمر طبيعي؟
أعتقد أن السؤال حول استمراريتي غير منطقي أو موضوعي، لأن ذلك لم يكن بضغط شخصي أو سيطرة مني، ولكنني عضو في مؤسسة تضم مجموعة من الأعضاء، وهم من يقيم العاملين ويحدد استمراريتهم من عدمها، إضافة إلى تقييم كل الأمور التي تتعلق بعمل المؤسسة. وشخصيا ليس لي سلطة أو فرض ذات شخصية مثلما هو واقع في بعض مؤسسات صحافية لا أحد يتحدث عنها، حيث إن هناك نفوذا لأشخاص معينين ولهم نشاطات اقتصادية خارج العمل الصحافي، في حين أن قضية الاستمرار من عدمها ليست بيد الآخرين، بل يحكمها حجم الإنتاج ونوعية العمل الموجود، وعلى هذا القياس، نجد أن مؤسسة اليمامة الصحافية تنفرد بمنجزات وواقع إداري وإعلامي غير متوافر في أي مؤسسة سعودية، وربما على مستوى الوطن العربي، كون نسبة السعوديين المتفرغين في جريدة ''الرياض'' 100 في المائة ممن يمارسون العمل الصحافي، وقارب عددهم 200 شخص، كما أن هناك تميزا خاصا في ''الرياض'' للصحافي المتفرغ، حيث يحق له أن يأخذ راتب شهرين بدل سكن وراتب شهرين نصيبه من الأرباح، كما أنه لا يؤثر في مستوى المؤسسة كون مستوى الأرباح عاليا ويسمح بإعطاء هذه الامتيازات. بيد أن السعوديين العاملين داخل المؤسسة بينهم ما لا يقل عن 50 شخصا اشتركوا بعضوية المؤسسة كملاك، وهذه حالة نادرة عربيا، حيث تم منحهم أسهم وأصبحوا أعضاء ملاك ولهم حق التصويت على القرارات. وإذا كانت هذه الامتيازات يرونها سيئات يفترض أن أكون قد قدمت استقالتي منذ 20 سنة.
أفهم أن عليك ضغوطا من الملاك بالاستمرارية؟
في الواقع قبل عامين، راودتني فكرة الاستقالة، بل اتخذت القرار، وأبلغت رئيس مجلس الإدارة، ولكنه وصف التوقيت بغير المناسب وطلب مني الانتظار لبعض الوقت، وفيما بعد استجدت بعض الظروق التي اجتاحت العالم العربي، وأثرت حتى علينا في السعودية. ووجدنا أن تلك المرحلة تستوجب إعلاما أكثر وعيا وإدراكا وتقديرا للظروف القائمة، ومخاطر الظرف العربي العام الذي يهدد أمن المجتمع، خصوصا أن المجتمع السعودي ينطلق حاليا إلى الأمام بميزانياته الهائلة وخططه العلمية الجديدة وخططه التعليمية، التي رفعت الجامعات إلى ما يقارب 30 جامعة، ورفع القيمة التعليمية بما يتجاوز 150 ألف مبتعث، وهذه الصفات التطويرية مهددة بما هو عليه العالم العربي من تخلف، ما لم يكن عندنا إعلام واعٍ يتحمل مسؤولياته تجاه هذه المرحلة القائمة حاليا، وأي إخلال فإن للإعلام إسهام كبير فيه، ما لم يكن في مستوى مواجهة هذه الأوضاع.
كما أن استمراريتي في ظل هذه الأوضاع، لا أعتبر نفسي أقوم بدوام وظيفي، وإنما أقوم بواجب إعلامي وطني، لا أخدم فيه مصلحة تخصني، وإنما أباشر مسؤوليتي كمواطن، لما نحن فيه من إيجابيات تطوير متعددة، وما هو حولنا من مخاطر عربية، رأينا سلبيات ما نتج عنها.
لكن الانطباع أو الرؤية لدى من يتساءلون عن استمراريتك فترة، تنطلق من مبدأ أن أي رئيس تحرير لا يمكن أن يقدم الجديد بعد مضي عدة سنوات على عمله في المطبوعة؟
أنا لا أنسب منجزات جريدة ''الرياض'' التي بدأت بثمان صفحات، وهي الآن ترتفع إلى ما بين 52 و60 صفحة، وحدّها الأدنى 48 صفحة لعددي الخميس والجمعة فقط. والوصول إلى هذا المستوى الذي يقابله ارتفاع في الميزانية السنوية، وارتفاع في مساحات السنتيمترات الإعلانية مقارنة بالصحف الأخرى، ولم يكن هذا منجز شخصي لرئيس التحرير، بل منجز عام نتيجة للتعاون القائم بين مختلف القدرات الإدارية بين رئيس مجلس الإدارة، والمدير العام، وأعضاء مجلس الإدارة، ورئيس التحرير، ومديري التحرير في مسؤولياتهم.
الملاحظ أن خط التحرير في صحيفتكم مستمر على نمط واحد منذ سنوات طويلة ولم يتغير؟
شخصيا لا أفضل أن يكون المظهر الإعلامي واختيار العناوين وتبويب الصفحة شبيه بالملابس، حيث إن كل موسم له موضة معينة، ولكن الأهم في الصحيفة هو المستوى العقلي والمهني الذي تمارس به الصحيفة أفكارها وانتقادها وتوجهاتها.
وهل ما زالت تراودك الاستقالة؟
لا أعتقد أنني سوف أستمر لزمن طويل، بل بالعكس أفضل أن أرتاح بعد أن قدمت الكثير، ولكنني عندما أترك العمل لا يعني أني سأترك جريدة ''الرياض''، بل سأترك دواما يأخذ مني الكثير من وقتي، حيث إنني أعمل في اليوم أكثر من عشر ساعات، على ثلاث فترات (صباحية، عصرا، ليلا)، والآن أحتاج أن أرتاح ولكنني لا أريد أن أبتعد عن ''الرياض''.
هل الارتباط الروحي أو العاطفي يعيق أي قرار يراودك لتقديم الاستقالة أحيانا؟
هذا له جانب كبير، لأنني لا أتصور أن أعمل في مجال آخر الصحافة، لأن هذا العمل استولى عليّ بالكامل، وبالمناسبة فإن الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - عرض عليّ قبل نحو ست سنوات تولي وزارة الإعلام، قبل أن تسند للوزير إياد مدني، فارتبكت جدا أمام هذا الطلب، لأنني لا أتصور أن أكون وزير الإعلام، باعتباري عشت مرحلة الشباب والرجولة والشيخوخة وحتى العمر كله في العمل الصحافي.
ضحيت بالوزارة من أجل الصحافة؟
نعم واعتذرت عن المهمة.
وأنت تستعد لترك المنصب، هل أعددت البديل لخلافتك؟
الجريدة فيها عناصر جيدة جدا، ممن قدموا الكثير من المساعي، وهم ممن يتحملون أعباء العمل، وليس رئيس التحرير هو الذي يقود العمل بمفرده.
أقصد هل تعد شخصا معينا؟
نعم هناك أشخاص معينون لديهم كفاءة القيادة.
ممكن نعرف أسماءهم؟
الآن لا نستطيع أن نفصح عن أسمائهم، ولكنهم من داخل الجريدة.
ألمحت في بداية حديثك إلى أن هناك رؤساء تحرير يمارسون أنشطة اقتصادية خارج صحفهم ولم يطالبهم أحد بالاستقالة، من تقصد؟
أنا لا أقصد شخصا معينا، بل أشخاص يعتبرون أن العمل الصحافي عمل جزئي ولهم نشاطات أخرى، مع أن راتب رئيس التحرير في المملكة يعد مرتفعا عن مستوى أي راتب رئيس تحرير في دول عربية أخرى، لذلك لا يجوز الخلط بين وظيفيتين ومسؤوليتين.
هناك آراء تصف ''الرياض'' بالجريدة الرسمية للدولة.. هل هذا إيجابي لكم؟
هذا غير صحيح.
لكنكم مع الخط الرسمي؟
نحن مع الخط الحكومي، ولا ننكر ذلك، وعالمنا العربي منذ سنوات ليست بالقليلة يمر بظروف خطرة جدا وإذا لم يقف الإعلام مع الدولة، لك أن تشك في استمرارية مشاريع الدولة وتطوير المجتمع، بل المرحلة تتطلب إعلاما يواكب مشاريع التطوير، شريطة أن يكون هناك أداء حقيقي ومشاريع حقيقية، وليس مجرد كلام، كما يحدث في بعض الدول العربية.
لكن هناك ضعف لديكم في الجانب النقدي؟
لا.. بالعكس هناك نقد وطرح جريء، ونتلقى بين الحين والآخر قرارات عقوبة من وزارة الإعلام، وهي عقوبات ليست بالسهلة.
هل تخشى أن البديل الذي بعدك يغير من نهج جريدة ''الرياض''؟
هذا يرجع للشخص الذي سيتولى المهمة.
ولكنه قد يكون تلميذك؟
ليس شرطا .. فهناك زملاء لهم مكانتهم.
سبق أن كتبت مقالا عن وزارة الإعلام بعنوان (وزارة النفي ووكالة أشاد).. هل ما زالت النظرة نفسها أم تغيرت رؤيتك عن الوزراة؟
ضحك... هناك بعض التغيير ومرونة تفاهم مع الصحف على عكس السابق، ولكن يجب إعادة النظر في لجنة التحكيم الموجودة في وزارة الإعلام لإصدار القرارات ضد بعض المخالفات التي تحدث في الصحف. وهذه أحيانا تصدر وكأنها أحكام عسكرية، سواء كانت قرارات يتم تطبيقها على رئيس أو مدير التحرير، ولكن قد يكون الشخص الذي طبقت بحقه العقوبة في مؤتمر خارج البلاد عند حدوث الخطأ، ويجب أن تصدر العقوبة وفق ضوابط وموضوعية في اتخاذها. ولا ننكر وجود الأخطاء، أو كما تدعي بعض الصحف أن إثارة الشغب وإثارة الاعتراضات دليل تقدم ودليل حريات، وهذا غير صحيح وهو كلام يمكن يكون في دولة غربية، وليس في دولة عربية أو من دول العالم الثالث، ولو طبقت هذه الرؤية لربما قادت المجتمع إلى مشكلات متعددة.
هل الإعلام محتاج إلى استراتيجية جديدة؟
نعم، ويحتاج إلى إعادة تأسيس بأشياء كثيرة جدا، ويجب إدراك العصر الذي نعيشه ونوعية المشكلات التي تهدد مجتمعنا، والاختلاف بيننا كمجتمع ودولته، وبين العالم العربي في مجتمعاته ودوله، ونحن في حاجة لتهيئة إعلام يكون واعيا لطبيعة أوضاع الدول العربية في علاقاتها وسلبياتها، ويفترض أن يعي الإعلام هذا التناقض بين مجتمعنا السعودي المتجه للأمام وبين مجتمعات عربية أعيقت بالأحداث التي مرت أو تمر بها الآن.
كيف تقيم وضع الإعلام السعودي حاليا؟
هو أفضل بكثير عن السابق دون شك، من ناحية التقييم ونوعية العاملين، وبالعكس أنا أعتبر أنه من السابق بكثير جدا، ولكننا بحاجة لتقارب يسهل فهم ما هي إيجابيات، ما هو مطلوب وأهمية هذه الإيجابيات حتى يكون هناك وعي دقيق لمخاطر واقع العالم العربي الراهن.
في ظل ارتفاع سقف الحرية هل تعتقد أن ذلك خلق بعض التجاوزات؟
الصحافة الورقية لا توجد فيها تجاوزات بالشكل الكبير إطلاقا، ولكن على الإنترنت هناك تجاوزات وعدم وعي، وحكاية أنك تقول خطأ أو تقصير، فهذا ليس جديدا، بل هو طبيعي في المجتمعات النامية، لكن السؤال: هل لديك مساعٍ لحل هذه التقصيرات أم لا. وهذا الذي نختلف به عن المجتمعات العربية، لأن لدينا حلول ومشاريع لتصحيح ما نحن عليه، ولكي نعي ذلك بشكل جيد علينا أن نقارن بين وضعنا الحالي وما قبل 50 سنة.. (كيف كنا وكيف أصبحنا)، وكيف كان العالم العربي، عندما كنا أقلهم نسبة تعليم وأقلهم قدرات اقتصادية وتوظيفا، أما الآن نحن الأفضل في كل هذه القياسات ويجب أن يكون لدينا إعلام لديه وعي أيضا بهذه المتغيرات.
لكن إعلامنا ما زال عاجزا عن إيصال مثل هذه الرسالة الإيجابية للخارج؟
انتشار الصحف السعودية في الخارج محدود للغاية، وأعتقد أن الخطوط السعودية تتحمل سبب ذلك بالدرجة الأولى، لعدم وجود الرحلات الدولية المناسبة التي من شأنها أن تنقل الصحف في وقت صدورها، حتى أن عدد الأربعاء مثلا لا تجده إلا يوم الخميس حتى في دول الجوار، لو وضع تنظيم لبعض الرحلات لضمن وصول الطبعات الأولى على الأقل لبعض الدول في اليوم نفسه.
هل استفاد إعلامنا من هذه الثورات لعكس الواقع والتنمية الحقيقية في السعودية؟
مع الأسف أن بعض الوسائل الإعلامية لدينا تصف ما يحدث في الدول العربية بالربيع العربي، هو ليس ربيعا. وإن كانت بداياته فيها ملامح ربيع، ولكن نتائجه إهدار للوظائف والقدرات الاقتصادية واقتتالات محلية، كما أنه لم يأت بأنظمة ديمقراطية ولا يمكن أن نسميه ربيعا. عطفا على الأوضاع حاليا في ليبيا وتونس واليمن ومصر والعراق وسورية. خاصة أن وضع تلك الدول قبل عشر سنوات من الآن كان أفضل ووضعها قبل 50 سنة أفضل من العقود الأخيرة.
ظهرت تيارات متنوعة وأحزاب لها تأثير في المشهد السياسي، خاصة التيارات الدينية الدينية في الآونة الأخيرة .. كيف تصف هذه الظاهرة؟
الظروف السياسية ومتغيراتها أفرزت تلك التيارات، وفي مقدمتها حزب الإخوان كظاهرة نتجت عن أوضاع تلك المجتمعات، وهو بروز لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج حقيقية كما هو معلن عنه، ولكن سيؤدي إلى استئثار بالحكم، مما سيغير من أوضاع تلك المجتمعات إلى الأسوأ، والمشكلة أن دولا معينة في الغرب أحيانا تؤيد بعض توجهات هي لا تقرها لكن تؤيدها ولو بشكل غير مباشر، كي تزيد العالم العربي تخلفا وتراجعا، وهذا يعود بنا إلى ما قبل نحو 60 عاما، عندما بذلت بعض الدول الغربية محاولات عديدة في أكثر من موقع عربي لتفتيت العالم العربي وتحويله إلى دويلات، حتى أن دولا كانت من أرقى الدول العربية، ولكن تحولت إلى مناطق مضطربة، أيضا العراق كان قبل عقود من أفضل البلدان العربية من الناحية القانونية وضمان الحريات وحقوق المواطنين، بينما الآن يعيش أوضاعا خطرة للخلافات المتعددة والانقسامات التي تهدد بتجزئته. في حين أن الدول التي اجتاحتها موجة التغييرات أخيرا كانت أوضاعها قبل ذلك جيدة في كثير ممن الجوانب عما هي عليه الآن. كما أن هذه الانقسامات والخلافات أوصلت قيادات إلى السلطة في البلدان العربية مثل معمر القذافي وصدام حسين وعبد الكريم قاسم، وهؤلاء لا يمكن أن يحكموا إلا في بلد عربي. بينما في قلب إفريقيا المتخلفة لا يستطيع هؤلاء أن يحكموا فما بالك بأوروبا أو شرق آسيا، ونحن نعرف أن القذافي كان يتحرك وكأن ليبيا كلها (اخويا) وراءه.
وضح في هذه الأحداث أن الإعلام أصبح سلاحا قويا .. هل تعتقد أن المناخ الإعلامي السعودي يساعد إلى إيجاد سلاح إعلامي قوي؟
دون شك، نحن بحاجة فعلا لإعلام قوي، وليس القوة تكمن في عدد الصفحات أو حجم الإعلانات، بل قوي في مفاهيمه التي تتطابق مع طبيعة الأوضاع القائمة حاليا، وهي مهمة ليست بالسهلة، إلا إذا وجدت كوادر توجه وتدير هذا الاتجاه المهم بمستوى من الوعي المتوافق في كفاءته وإدراكة طبيعة مختلف الأوضاع. ومع الأسف لدينا مفاهيم إعلامية متناقضة أو متباينة المستويات، رغم أننا نمر بمرحلة غير عادية أو طبيعية، وهناك من يقول إن كل الأمور ستتطور مستقبلا، بل إن الظروف تستدعي منا إيجاد إعلام واع بالكفاءة نفسها التي نطلبها من الأمن الواعي والقدرة العسكرية التي تقدر المخاطر المحيطة بين مختلف الحدود.
هل أدرك الجانب الحكومي هذا الأمر واتخذ خطوات في هذا الجانب؟
أتصور أنه لا يزال مطلوبا إجراءات أخرى تدعم الجوانب التطويرية، ولكن في الجانب الآخر نجد أن بعض الصحف تحركت وتحسنت وتنوعت قدراتها، وهذا ليس بتدخل من الخارج، بل من الصحف ذاتها وبرزت أسماء وقدرات وكفاءات، والأهم أن نصل إلى وعي وحس جماعي إعلاميا، وأن يتحرك الإعلامي بوعي أنه ابن مجتمع ولديه رسائل معينة، لمواجهة مخاطر معينة ولديه الكفاءة والقدرة، ولا يتوقف الأمر على التهيئة النفسية ضد قدرات الخارج، بل حتى ضد القصور في الداخل.
وسائل الاتصال الاجتماعي هل أثرت في صحيفتكم؟
في الواقع هناك مخاوف، ولكن في الحقيقة لم تؤثر حتى الآن، حيث لم تنخفض نسب الإعلانات ولا نسب التوزيع، إضافة إلى ذلك أن موقع ''الرياض'' الإلكتروني اتجه إلى المقدمة بشكل جيد، وعلى الأقل يرد على الآخرين.
هناك من يرى أن هيئة الصحفيين ولدت عقيمة .. فما الأسباب كونكم رئيسا لها لثلاث دورات؟ ليس صحيحا، بل هي ولدت ولم يكن قبلها أساسا هيئة صحفية، ولكن هناك صعوبات تواجه الهيئة في عملية التطوير، لأن الوسط الإعلامي لم يكن مهيأ، بل إن نسب السعودة في كثير من الصحف، خاصة في الفترة الماضية، والعملية ليست بالسهولة حتى أن انتخابات مجلس الإدارة كانت تمر بأزمات، ولا أخفيك أن هناك أصواتا كثيرة من جريدة ''الرياض'' ذهبت لبعض الزملاء في صحف أخرى.
هناك مؤشرات حول تزوير الانتخابات، وبعض الصحف منحت بطاقات صحافية لإداريين على أنهم صحافيين للاستفادة من أصواتهم؟
لا أعرف شيئا عن هذا، لكن الانتخابات لا تتم عن طريق هيئة الصحفيين بل تتولاها دوائر أخرى، تقوم بالإشراف والتنفيذ، وهو ما كان معمولا به في الانتخابات الثانية والثالثة.
ما جديد الهيئة؟
نعمل على برمجة كثير من الموضوعات والمستجدات لتطوير الهيئة، ولكن نحتاج إلى تفاعل الطرف الآخر للتعاون معنا وخاصة الصحف نفسها، التي البعض منها لم تزودنا حتى الآن بقائمة غير المتفرغين لضمهم للعضوية الصحافية كأعضاء متعاونين يحق لهم الحصول على العضوية والاستفادة من مميزاتها، ولا يحق لهم التصويت.
لكن الهيئة حتى الآن لم تتصد لأي قضية تتعلق بصحافي سعودي؟
حتى الآن لم تصلنا شكوى من أي محرر متضرر حتى ندافع عنه.
المديرون العامون طالبوا بمجلس لهم فما هو رأيك؟
هؤلاء المديرون العامون من الخطأ إعطاؤهم مجلسا، لأنهم أشخاص غير قياديين. وهؤلاء يقودهم شخص واحد تبنى هذه الفكرة من أكثر من سبع سنوات وحاول تمريرها مع وزيرين سابقين وكلاهما رفضا قبول الطلب، والمدير العام هو شخص موظف وليس كرئيس مجلس الإدارة المنتخب من الجمعية العمومية، وصاحب القرار الأول في المؤسسة، يأتي بعده في الأهمية رئيس التحرير، ومن غير المنطق أن أعطي صلاحية للمدير العام، وأتجاهل أصحاب الشأن، ولكنني أعتقد أن وزير الإعلام سيرفض مثل هذه الفكرة.
وما هدفهم؟
ليس هدفهم بشكل عميق وإنما هي فقط محاولة حضور. ونحن معترضون على هذا التوجه لأنه غير منطقي، والأحقية لرؤساء مجالس الإدارات الذين تقع عليهم المسؤولية الأولى في المؤسسة وهم من يقررون ويحددون موعد الاجتماعات والجمعية العمومية ويوافقون على التنفيذ.
بروفايل
من مدرجات ملعب الصائغ إلى الصحافة
دوّن تركي عبد الله السديري سيرة ذاتية مميزة ومتفردة في تاريخ الصحافة السعودية والخليجية والعربية، ووضع له بصمة على مدى أربعة عقود لا يمكن أن يمحوها الزمن، قاد خلالها مؤسسة اليمامة من نجاح إلى نجاح.
اللافت أنه كل ما تقدمت به السنين في المنصب كل ما تجدد نشاطه، وحاز حضورا أكثر تميزا وفاعلية، لقب بـ ''ملك الصحافة''.
ولا يمكن أن تختصر سيرته في صحيفة ''الرياض'' التي قضى كل سنوات مشواره العملي فيها.
بل كانت له مساهمات وحضور في كثير من المجالات وإن كانت من باب الصحافة التي عشقها وأعطاها كل ما لديه لتضعه، في مقدمة القيادات الإعلامية.
تركي السديري اتجه للصحافة بتأثير أصدقائه الذين كان يذهب معهم لملعب الصائغ في آواخر الستينيات، وشجعوه على دخول مجال الصحافة الرياضية البعيدة عن ميولها للثقافة وكتابة القصة القصيرة، ومن ثم تفرغ للصحافة قبل أن ينتقل كسكرتير للقسم السياسي، ثم سكرتيرا عاما، واستمر إلى أن تولى رئاسة التحرير عام 1974 إلى يومنا هذا.
ويحسب للسديري أن الكثير من القيادات الصحافية والكتاب تتلمذوا على يده، كما أن اهتمامته بالشأن الإعلامي قادته للمساهمة في تأسيس هيئة الصحفيين السعوديين، والتي يتولى رئاستها على مدى ثلاث دورات، كما يتولى رئاسة اتحاد الصحافة الخليجية، وقام بإجراء عدد من المقابلات مع عدد ليس بالقليل من زعماء العالم والقيادات العربية.
كما أنه يشغل عضوية عدد من الهيئات والجهات الأخرى.