
نهاية القذافي المتوقعة
بقلم عبدالرحمن الفيفي
لكي نتوقع النهاية المحتملة للقذافي لا بد أن نفهم شخصيته ، التي يعتبرها كثيرون مثيرة للجدل .
هناك عدة مفاتيح واضحة لشخصية القذافي تساعد على فهم تصرفاته وبالتالي تساعد على تصور
السيناريو المحتمل لنهايته ، وهي كالتالي :
1- جنون العظمة : التي من الواضح أنها بلغت حدا بعيدا جدا من تضخيم الذات حيث يعتبر نفسه رسول
الصحراء وملك الملوك ، وأن لديه الحل الأمثل لكل مشاكل العالم ، ويضع نظريات يعتبرها قمة ما
يمكن أن يكتشفه البشر في السياسة والمجتمع ، ويمثلها كتابه الأخضر .
وتأملوا في نظره الدائم للأعلى وتحدثه هو عن (معمر القذافي) بكل صفاة التمجيد (القائد الأممي) (المجد
– العزة – الثورة) ، كلها تعني القذافي ، ولا أستبعد أن تكون الشعارات التي يرددها مؤيدوه من صياغته
هو ، مثل (الله ومعمر وليبيا وبس) .وهذه الصفة أوضح من أن نفيض في الحديث عنها .
2- جنون التفرد : وهي ناتجة عن جنون العظمة ، ويظهر حرصه على التفرد من خلال تغييره لكل
مألوف ابتداء من هيأته ومظهره الفريد إلى أسماء الشهور ونوع التقويم ، وطبيعة المراسم
والبروتوكول وخاصة خيمته المشهورة . وهذا أيضا واضح جدا ولا يحتاج للتدليل .
3- الإغراق في موقع الذات : كل ما مضى يؤدي إلى تمحور صاحبه حول ذاته ، مما نسميه في
البرمجة العصبية الإغراق في موقع الذات ، وهذا يعني باختصار أنه يرى أنه هو محور العالم وأنه
دائما على حق والآخرون على خطأ ، ويمكن أن يضحي بالآخرين جميعا ليسلم هو ، منطقه الوحيد
(أنا ومن بعدي الطوفان) ( إذا عشت ظمآنا فلا نزل القطر) .
وهذه الحالة تجعله يحتقر الآخرين مهما كانوا فهم عنده (حشرات – قطط – جرذان – جراثيم) وفي
أحسن الأحوال (أطفال صغار) .
ولكن هذه الحالة تجعله جبانا حينما يهدد الخطر ذاته ، وهذا ما يفسر تخليه السلمي عن برنامج التسلح
بعدما رأى ما حصل لصدام حسين .
هذه الشخصية المسكونة بالعظمة تتوهم فعلا أن هذه العظمة حقيقية وتؤمن بأن الدنيا كلها والناس جميعا
مفتونون بشخصيته وبفلسفته وبنظرياته الخارقة ، ولذلك هو يعيش حاليا حالة الذهول وعدم التصديق ،
ويعتبر أن ما يحصل (غير معقول وغير منطقي وليس له أي مبرر وأنه لا يمثل الملايين والملايين
الذين يتوهم أنهم يؤمنون به داخليا وخارجيا) .
وهنا تبرز عدة تساؤلات حول احتمالات النهاية :
هل يتوقع أن يعلن التنازل ويتنحى ؟ لا أتوقع لشخصية تسكنها العظمة أن يفعل ذلك ، ولا أتوقع
لشخصية تحرص على التفرد أن يقبل بنهاية مشابهة لنهاية الرئيس حسني مبارك .
هل يتوقع أن ينتحر ؟ أستبعد ذلك تماما لإغراقه في موقع الذات وحساسيته تجاهها مما يجعله جبانا جدا
عن مثل هذه الخطوة .
هل يتوقع أن يهرب لمكان معلن معروف يمكّن فيما بعد من القبض عليه ومحاكمته ؟ لا أتوقع ذلك
للسبب السابق .
هل يتوقع أن ينفذ تهديده بفتح المخازن وتسليح القبائل والشعب ؟ لا أتوقع ذلك لاعتقادي أن شخصيته لا
تثق في الآخرين وهذا ما يجعله يعتمد في حمايته على المرتزقة وفي حراسته على النساء ، فكيف وقد
حصل ما حصل من الشعب ، لا شك أنه سيخشى من أن يتوجه الجميع بهذه الأسلحة لإسقاطه .
هل يتوقع أن يستقدم عددا كبيرا جدا من المرتزقة ويسفك أنهارا من الدماء ؟ هذا الاحتمال ينسجم مع
شخصيته وتفكيره ولا أشك أنه يتوق لذلك ويتمناه ، ولكن إمكانية هذا الخيار صارت ضيقة نوعا ما ،
وقد يمنعه من الإفراط في ذلك أنه قد لا يود أن يذكر التاريخ عنه تصرفا يخدش المثالية التي يراها .
فما هو المتوقع ؟
أتوقع أن يحسم الأمر أحد المحيطين به ، لأنه هو سيعيش صراعا نفسيا عنيفا لا يمكنه من الرؤية
الصحيحة والتصرف الصحيح ، وسيظل يسكنه جنون العظمة التي تجعله لا يعترف بالأمر الواقع ،
وسيظل يبحث عن نهاية مشرفة متفردة غير متوقعة ولن يجد سريعا القرار الذي يحقق ذلك .
أما الكيفية التي يحسم بها المحيطون الأمر ، فهناك احتمالان :
أحدهما قتله والتخلص منه .
والثاني إخراجه من ليبيا عنوة إلى مكان سري يختفي فيه ، وهنا أتوقع أن ينتهي به الأمر للانهيار
الصحي البدني السريع ، أو الجنون العقلي ، أو إدمان المخدرات .
والله أعلم .
