عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ((مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ قَالَ لَيْسَ ذَاكِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ)) ........ أخرجه البخاري ومسلم
لقد فقدنا غاليا رحل عن هذه الدنيا الفانية إلى الدار الآخرة رحمه الله رحمة واسعة إنه رجل من رجالات الدعوة في هذه المحافظة الشيخ إبراهيم بن صالح الدحيم الذي نحسبه أنه أحب لقاء الله فأحب الله لقائه..
كان لي الشرف بصحبته في بداية عمري عشرات الرحلات والجلسات والمخيمات وكان له الفضل بعد الله في ثباتي وتوجهي وكان لي معه كثير من المواقف التي لاتنسى..
ونحمد الله أن يسر لنا مع هذا الرجل المبارك جلسة نصف شهرية مع بعض الإخوة الفضلاء وذلك كل ليلة اثنين أسبوعاً بعد أسبوع ، استمرت لأكثر من أثثي عشر عاما لم تنقطع حتى وفاته رحمه الله..
وقبلها كان لنا معه صحبة دائمة في الرحلات لمكة والمنطقة الجنوبية والمنطقة الشمالية..
وإن لي مع هذاالداعية المبارك بعض الذكريات التي تحثنا على القدوة الحسنة.. فلقد أستفدت منه بأفعاله قبل أقواله ، وكان لنا قدوة في كثير من السنن التي كان رحمه الله حريصاً على إحيائها ، ورأيت فيه القدوة الحسنة في أعمال قل من يتصف بها في هذا الزمن أذكرها لتكون حافزاً لي ولإخواني ممن عرفوا الشيخ وأحبوه..
فمن ذلك:
1- قيامه لصلاة اليل
فلا أذكر على كثرة سفراته أن ترك قيام اليل وقد ينقطع بنا الطريق باليل فننام في البراري في الطريق لأبها وإذا به يستيقظ قبل الفجر ويصلي من اليل ماشاء الله ثم يوقظنا لصلاة الفجر ، وكذلك عند استقرارنا يحرص تمام الحرص على صلاة اليل جماعة أو فرادا
2-خشوعه وبكائه
كان غفر الله له كثير الخشوع والبكاء في صلاته وكان اذا أمنا بالصلاة يقول لنا( صلوا صلاة مودع)
وكان في سجوده رحمه الله يكثر من التضرع والبكاء
3-بعده عن الشهرة والثناء
في رحلة من الرحلات كنا في الباحة ووقفنا قليلا قبل الانطلاق إلى السيل لأداء العمرة وكانت جلسة مصارحة وفتح صندوق الاقتراحات والشكاوى وكان هو الذي يقرأ - رحمه الله- الرسائل فإذا به يقرأ رسالة فيها مدح وثناء وفي آخرها قال المرسل: إنه أنت ياأباحذيفة! فإذا به يجهش بالبكاء ويقول سامحك الله ثم انصرف إلى السيارة وركب وكان مغطيا وجهه وهو يبكي حتى وصلنا السيل الكبير فكانت درسا عمليا لنا بعدم البحث عن الثناء وما القبول الذي لقيه يوم جنازته والتي ضاق بها الجامع والساحات المحيطة به إلا دليل بإذن الله على الصدق والإخلاص وأظن والله أعلم أن هذا القبول لو كان وهو على قيد الحياة لفتتن من كثرة الأتباع ولكن الله سبحانه اصطفاه ونجاه من الفتن
وكان هو يحدثني بنفسه قبل وفاته بأيام أنه بلغ الأربعين ويحمد الله أن الله حفظه من كثير من الآراء والتوجهات التي حلت خلال السنوات الماضية
4- بعده عن الإختلاف والمواجهة
كان رحمه الله يحرص كثيرا على عدم المواجهة مع من يختلف معه في التوجه والمنهج ويعالج الأمور بحكمة وروية وتأن وتؤدة فلم يذكر عنه رحمه الله المصادمة أو المواجهه
5- بذله وسخائه
كان رحمه الله منذ ان كان طالبا وهو يبذل مع قلة ذات اليد فكان يقسم مكافأة المسجد لعدة أشياء(لبيته-جمعية التوعية-المسجد-سداد الدين بعد الزواج)
وكانت معه سيارة هايلكس موديل 89 فكانت تلك السيارة لاتنقطع عن الذهاب لمكه والمدينة والمنطقه الجنوبية مئات المرات فكان باذلا رحمه الله على قلة ذات اليد.
6-حلمه وأناته
كان رحمه الله حليما عطوفا وأذكر في رحلة من الرحلات أن أحد الشباب حصل منه بعض التصرفات التي لاتليق فأخبرني لوحدي بما حصل وقال لعلك تتحدث معه وتنبهه على خطئه وتعالج الخطأ بحكمة وروية.
7-جلده على الدعوة وحمله الهم
كان رحمه الله لديه صبر وتحمل وجلد في الدعوة فلا تجده إلا مهتما بأمر الشباب وتربيتهم وصلاحهم
فمع كثرة أشغاله ومسؤلياته في آخر حياته إلا أنه رحمه الله دائم التفكير وحمل هم الشباب واستقامتهم على الطريق المستقيم
8- عمله الخفي
كثير من الأعمال الدعوية والدروس التي كان يضرب لها الفيافي والقفار بعضها أسبوعي وبعضها شهري
لم نعلم عنها إلا بعد وفاته رحمه الله فكان في جلستنا النصف شهرية يخبرنا أنه مشغول ولكن لا يفصح بالعمل الذي يشغله
هذا غيض من فيض من سيرته العطرة رحمه الله ولكنها نفثة محزون
ولئن كانت تعصف بقلمي رياح الفراق وتصارع سفينة أفكاري أمواج الوداع والأحزان فإنني لن أبخل بدعوة لهذا الداعية اللهم اغفر لأخي أبي حذيفة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واجمعنا وإياه مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . الشيخ سليمان الفراج
محافظة المذنب