
الحياة(ضوء):
السعودية من خلال تزامن الإجازة الصيفية وشهر رمضان الكريم ومناسبة العيد، أغلقت الأبواب لدى البعض، وباتوا مكتوفي الأيدي وعاجزين عن شراء المستلزمات الدراسية والتي ستستأنف عامها الجديد قبل حلول موعد تسلم الرواتب الشهرية.
ويعد الاقتراض من الغير أمراً يصعب تحقيقة في مثل هذه الأزمات، إذ إن الكثيرين لا يملكون الجرأة على طلب ذلك في مثل هذا التوقيت، كون الجميع ينطبق عليهم المثل الشائك، «كلنا في الهوى سوا»، ومع ذلك يبقى الاقتراض هو الحل الوحيد ولكنه متخذاً أسلوباً مغايراً عن الاقتراض المألوف، لتسلب «عيدية» الأبناء نظر الآباء، ومطمعاً للاقتراض، فـتكون منقذاً لهم لشراء مستلزمات العام الدراسي الجديد، الأمر الذي يدفع بعض الآباء إلى اقتراض ما تم جمعه من الـ «عيدية» التي وهبت لبنائهم.
وأكدت مجموعة من الآباء في حديث إلى «الحياة» أن أوضاعهم المادية لا تسمح لهم بشراء المستلزمات الدراسية لأبنائهم للعام الجديد، لما شهدته الأشهر السابقة من استنزاف في المصاريف المادية، والتي صحبت معها ارتفاعاً في أسعار السلع والمواد الغذائية. ويقول أحمد الخالدي: «اضطررت أن اقترض من أبنائي الأربعة الفائض من عيديتهم لأتمكن من شراء المستلزمات المدرسية لهم» في حين يرى إسماعيل أحمد أن موعد بداية العام الدراسي لا يتناسب مع موعد تسلم الرواتب مما يدفعه إلى جمع «عيدية» أطفاله الصغار، لشراء مستلزمات الدراسة لإخوتهم الكبار، أما سعيد الغامدي فيعتبر «عيدية» أبنائه هي المنقذ له في مثل هذه الظروف ليتمكن من شراء المستلزمات الدراسية لأبنائه الستة.
وجهل الأبناء عن مفهوم «السلف والدين» وفرحتهم بالعيدية، جعلهم يتخوفون من التسليف، إذ يعتقدون أن عيديتهم لن ترد إليهم، مما جعل البعض منهم يقبل بذلك بعد محاولات إقناع ووعود حتى يثقوا بآبائهم.
ولم تكن سلوى محمود أوفر حظاً في هذا الشأن بعد أن عانت في تأمين «المستلزمات الدراسية» من طريق أبنائها، «رأيت نظرات تخوف وتردد من أبنائي عندما طلبت منهم أن يقرضوا والدهم لشراء المستلزمات المدرسية، وبعد تعريفهم بمفهوم الاقتراض والمدة الزمنية التي بستعيدون فيها مبالغهم وافقوا على ذلك».
إلى جانب ذلك، يرفض بعض الآباء مبدأ الاقتراض من الأبناء وإن اضطر الأمر، وهذا يعود إلى أسباب شخصية، إلى أنه قد يلجأ إلى أسلوب الحيلة مع أبنائه، كأن يطلب المبالغ المالية من أبنائه حفاظاً عليها من الضياع، أو ادخارها لهم لهم حتى تربى.
وتقول هبة سالم: «يرفض زوجي الاقتراض من أبنائه بأسلوب الاقتـــراض الصريح الأمر الذي يدفعه إلى أن يأخذ عيديتهم من باب المحافظة عليها من الضياع ومن خلال ذلك يتمكن من شـراء المستلزمات المدرسية إلى حين مــوعد استــلام الراتب ليردها ويحفظها».
وأمام ذلك يرى الكاتب الاقتصادي محمد العنقري أن تكالب الالتزامات على الأسر من ذوي الدخل المحدود في فترة قصيرة مرهق لهم، إذ يستلزم وضع حلول لتجاوزها، لافتاً إلى أن الاسرة قد تكون مطالبة باختيار منتجات تتناسب مع دخلها والاستعداد مبكراً لهذه الالتزامات بادخار مبالغ لهذه المناسبات، موضحاً في الوقت ذاته أنه اذا ما استعدت الأسرة وبحثت عن سلع ومستلزمات رخيصة فبإمكانها استيعاب الأزمة.
وقال: «إن الأمر يتطلب تقديم دعم رسمي لتلك الأسر التي يقل دخلها عن أرقام معينة تخضع لدراسة اجتماعية بمثل هذه الفترات من كل عام، أو منحهم مبالغ شهرية على مدار العام يحسب على أساس عدد أفراد الأسرة ولمستويات محددة من الدخل، وإنشاء جمعيات تعاونية أهلية تبيع السلع بأسعار مناسبة لهم».
وزاد: «إن قيام بعض الآباء باقتراض العيدية من أبنائهم فهو ليس بحل بقدر ما هو اضطرار وهو عامل سلبي يقع أثره على الأبناء ويحرمهم من متعة يستحقونها ويفكرون من خلالها تأمين حاجات خاصة بهم».