
الرياض-الوئام:
حققت شركات الاتصالات السعودية إيرادات مباشرة بلغت 65 مليار ريال خلال العام الماضي بحسب تقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، اعتبر الكاتب خلف الحربي في مقاله بعكاظ أن 60 مليارا طارت في الكلام الفاضي منها 30 مليارا على الأقل ذهبت في الحش والنميمة والباقي في نقاشات وحوارات من نوع «وش غداكم اليوم؟».
والذنب ليس دائما ذنب شركات الاتصالات حين يأتي الحديث عن فاتورة الجوال، بل ذنب الفوضى الاستهلاكية الكامنة في خفايا نفوسنا، حيث تعودنا التبذير في الأشياء التي لا نحتاجها والتقتير أثناء الإنفاق على الأشياء الضرورية التي من شأنها تطوير حياتنا وزيادة دخلنا.
لمطالعة المقال:
سوالف بـ 65 ملياراً
حققت شركات الاتصالات السعودية إيرادات مباشرة بلغت 65 مليار ريال خلال العام الماضي بحسب تقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وإذا خصمنا 5 مليارات في العام باعتبارها مكالمات ضرورية لا بد منها فإن 60 مليارا طارت في الكلام الفاضي منها 30 مليارا على الأقل ذهبت في الحش والنميمة والباقي في نقاشات وحوارات من نوع «وش غداكم اليوم؟».
كلنا اليوم ضحايا فاتورة الجوال التي أصبحت تحتل بندا محترما في ميزانية الأسرة، بل إن هذا البند يكاد يتساوى في بعض الأحيان مع بند الأكل والشرب وبند السكن وبند الترفيه، بل إن هذه الفاتورة بالذات هي الأكثر مراوغة لأنك لا تدفع المال نقدا أثناء شراء دقائق الكلام بل يسجل كلامك «على الحساب»، وحين تصلك الفاتورة فإنك تتوقف لثوان معدودات أمام ضخامة المبلغ الذي أنفقته في الثرثرة ولكنك سرعان ما تقوم بتسديدها حتى لو كان لديك التزامات أخرى، لأن رقم الجوال أصبح اليوم هو عنوانك الأساسي وليس محل إقامتك.
والذنب ليس دائما ذنب شركات الاتصالات حين يأتي الحديث عن فاتورة الجوال، بل ذنب الفوضى الاستهلاكية الكامنة في خفايا نفوسنا، حيث تعودنا التبذير في الأشياء التي لا نحتاجها والتقتير أثناء الإنفاق على الأشياء الضرورية التي من شأنها تطوير حياتنا وزيادة دخلنا، فنحن حين نرغب بتذكير صديق أو زميل بموعد ما لا نفعل ذلك عبر رسالة قصيرة تنهي الموضوع بل نحتاج إلى نصف ساعة تقريبا من «اللت والعجن» مع هذا الصديق كي نذكره بالموعد، وكذلك الحال حين نرغب بالاستدلال على موقع معين حيث لا نتعب أنفسنا باستخدام البرامج الموجودة في الجوال أو السيارة بل نفضل الاستعانة بصديق لتبدأ حكايات «خذ يمين من عند المحطة، وخلك معاي لين ناصل الإشارة!».
أذكر أنني قبل عامين تقريبا حضرت ندوة في دبي حول مستقبل شركات الاتصالات، وكان المتحدثون في هذه الندوة هم رؤساء شركات الاتصالات الكبرى في الوطن العربي وكانت أطروحاتهم قصيرة وشديدة التركيز لأنهم يعرفون جيدا أن «الكلام ليس ببلاش»، وفي بداية الندوة طلبت مديرة الندوة من الحضور إغلاق جوالاتهم قبل أن يبدأ رؤساء الشركات في الحديث فخمنت أن رؤساء الشركات لم يعجبهم هذا التنبيه لأن من مصلحة شركاتهم أن تبقى الجوالات جاهزة للثرثرة في كل وقت وتحت أي ظرف.
حين انتهت الندوة لم أجد الزميل عبدالله القبيع في مكانه فلم أكلف نفسي عناء التلفت يمينا أو يسارا للبحث عنه بل اتصلت به عبر مكالمة دولية وتبادلنا بعض الأحاديث «الخطافية» قبل أن نلتقي في منتصف القاعة!، لذلك لن أضيع وقتكم في الحديث عن ضرورة الترشيد في فاتورة الجوال التي تقتطع جزءا هاما من دخلنا، فالأولى أن أوفر مثل هذه المحاضرة لنفسي!.