
المذنب نيوز- عطيف
انتقد إعلاميون سعوديون سجالاً وجدلاً حدثا خلال اليومين الماضيين بين وزارة الصحة السعودية وهيئة مكافحة الفساد، معتبرين أن الأخيرة "نسبت إلى نفسها إنجازاً لا يستحق الذكر"، كما رفضت التشهير بمن ارتكبوا الفساد، معبرين عن خيبة أمل واضحة منذ البداية، ومؤكدين أن الظاهرة تتكرر كثيراً وليس "كما أتحفتنا الهيئة وكأنها تتستر على الفاعلين".
"يا فرحتنا في هيئتنا"فمن جهته وصف الكاتب خلف الحربي هيئة مكافحة الفساد بأنها "هيئة مستحية" ، مضيفاً: "سأقول لكم سراً خطيراً، هيئة مكافحة الفساد شمرت عن ساعديها واكتشفت أدوية ولقاحات وأمصالاً مسروقة من مستودعات الشؤون الصحية في إحدى المحافظات وتباع في الصيدليات والمستشفيات الخاصة، لا تسألوني ما اسم هذه المحافظة التي وقعت بها هذه الجريمة لأنني لا أعلم، ولكن الواضح من بيان الهيئة أن المحافظة تقع في إحدى المناطق داخل المملكة العربية السعودية!".
وواصل الحربي: "يا فرحتنا في هيئتنا.. فهذه الهيئة الجبارة التي كنا ننتظر أن تهوي بسيفها البتار على قلاع الفساد الكبيرة عجزت عن تسمية المحافظة"، وتساءل: "بالله عليكم هل تتوقعون من هذه الهيئة الرقيقة الخجولة مناطحة الرؤوس الكبيرة؟".
وأضاف متهكماً: "أما عن سيناريو الكشف عن هذه الجريمة الغامضة فهو يدل على القدرات الخارقة للهيئة في تفكيك الألغاز الغامضة، فالشركة الموردة لهذه الأدوية والأمصال اكتشفت كميات موجودة في السوق لم تقم بتوزيعها وقد طبع عليها الشعار الموحد لمجلس التعاون الخليجي، فاشتكت هذه الشركة لوزير الصحة الذي قام بدوره بمخاطبة هيئة مكافحة الفساد لمتابعة هذه القضية، فما كان من الهيئة إلا أن أبلغت المباحث الإدارية التي تابعت مصادر الأدوية حتى وصلت إلى الجهة التي قامت بتسريبها إلى السوق وهي مديرية الشؤون الصحية في (إحدى المحافظات)!".
ورأى الحربي أن "الصحة" حرمت نفسها الإنجاز وكان في يدها، وكان بإمكانها "أن يقوم وزير الصحة بمخاطبة المباحث الإدارية مباشرة وينتهي الأمر". مضيفاً: "كانت النتيجة أن أخفت هيئة مكافحة الفساد اسم المحافظة ونسبت إلى نفسها إنجازاً لا يستحق الذكر.. بفضل المستجدات والتطورات المتمثلة في إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد لم يعد من حقنا أن نعرف حتى اسم المحافظة، الأفضل أن نتوقف هنا فلديّ كلام كثير أودّ أن أقوله بهذه المناسبة العظيمة.. ولكنني أستحي!".
"أتحفتنا الهيئة"ومن جهته قال الكاتب سعد الدوسري: "الأمر الوحيد المفرح في كشف هيئة الفساد للاختلاسات التي حدثت في وزارة الصحة أن هذه الظاهرة تتكرر باستمرار، ليس (في إحدى المحافظات) كما أتحفتنا الهيئة وكأنها تتستر على الفاعلين".
وأضاف: "التهاون بممتلكات الوزارات تتم ممارسته على أساس أن تلك الموجودات (حلال حكومة)، فأي مسؤول أو موظف سيعتبر أن الأخذ منها لا يتنافى مع العرف السائد".
وانتقد الدوسري إخفاء الهيئة للأسماء، معتبراً أن إشهار ذلك كان "سيكتب السطر الأول في صفحة إيقاف هذه الظاهرة. سوف لن تُسرق الأدوية، ولن تُنقل أجهزة الحواسيب إلى البيوت، ولن تُعطى سيارات المسؤولين للأبناء ليفحطوا بها في الميادين، ولن تُوضع نثريات الإدارات في البنوك الربوية بأسماء شخصية، ولن يُعالج الأصدقاء بأسماء موظفين! كل ألاعيب الفساد الصغيرة هذه ستكون بعدئذ مكشوفة للعيان".
وأشار إلى أن ذلك سيوصل لمرحلة تالية "وهي كشف الفساد المتوسط، وهو أكبر أشكال الفساد تأثيراً على المال العام؛ لأنه تحول مع الوقت إلى ضرورة وظيفية في العديد من المصالح، وبالقضاء عليه سوف يَسْهُل القضاء على الفساد الكبير، ولو بعد حين".
ما هو الجديد؟هذا فيما قال الكاتب علي الموسى تحت عنوان: "وما هو الجديد يا هيئة مكافحة الفساد؟": "نريد من البيان الأول في أول حادثة تكشفها هيئة مكافحة الفساد أن تكتب الإدارة والمنطقة والمشروع بالخط العريض، وأن تفضح كل الأوجه المتخفية خلف ستار هذه الجرائم. نحن لا نريد من هيئة مكافحة الفساد أن تكون في خطوة متأخرة عن اجتهادات الصحافة".
وأضاف: "أنا هنا أسأل: إذا كانت الأجهزة الطبية الحكومية قد بيعت في وضح النهار وتم تركيبها في المشافي الأهلية الخاصة فلماذا لا تكشف الهيئة عن المكان والزمان؟ ولماذا تنشغل الهيئة الموقرة بملاسنات الكشف الخطير وملابساته مع الوزارة وكل من الجهتين يدعي أنه صاحب السبق في كشف القصة؟".
وأكد الموسى: "نحن، بكل وضوح نريد من الهيئة ألا تكون نسخة مخبأة من الورق الصحافي وإلا فهي بهذا الأسلوب إنما تصف عبئاً جديداً في ذات الطابور الذي مللنا منه. نحن نريد من هيئة مكافحة الفساد أن تكون على قدر الإرادة الملكية في الضرب بيد من التشهير ومن الوضوح".
وأضاف: نحن قبل هيئة مكافحة الفساد مجرد جملة مبنية للمجهول يبقى فيها الفاعل ضميراً غائباً، فما الجديد في بناء الجملة وفي إعرابها الذي نعرفه من قبل؟".
بُعد إجراميوكان السجال قد دار بين الجهتين وآخره رفض "الصحة" أمس الرد على البيان الأخير لهيئة مكافحة الفساد، مبررة ذلك برفضها الانجرار لـ"المهاترة"، بعد أن سبق لها أن أصدرت بياناً يوضح أنها هي من أرشد الهيئة للمشكلة، فيما لم تشر الهيئة إلى ذلك في أول تصريح لها حول الأمر، وقالت الهيئة رداً على ذلك: "اكتشفنا بعداً إجرامياً وراء ترويج لقاحات وأدوية واختلاسات أمصال وأجهزة طبية"، موضحة أنها تلقت في البداية خطاباً من وزير الصحة يشير إلى شكوى إحدى الشركات الموردة عن ملاحظتها وجود لقاح لم يستورد من قبلها، وأنها تحرّت عن مصدر اللقاحات فتبين لها أن الأمر يأخذ بعداً إجرامياً، ولا يقتصر فقط على (اللقاحات)".
وأضافت الهيئة: "لم يقتصر الأمر على ملاحظة وجود أمصال كما ورد في خطاب وزارة الصحة، بل وجد أن الاختلاس يشمل كميات كبيرة من الأمصال واللقاحات والأدوية، بل والأجهزة الطبية (تم توثيقها بالبيانات والصور ضمن أساسات القضية)، وهو ما لم يكن معلوماً لدى وزارة الصحة، كما لم يكن معلوماً لديها من كان خلف قضية الاختلاس من موظفين ومروجين!".
ليعقب ذلك كتابتها لوزير الصحة بطلب كف يد 6 من الموظفين، الذين اتجه إليهم الاتهام في القضية، و"معالجة الأمر بما يكفل عدم تكرار ما حدث واستكمال إجراءات الجرد في مديريات الوزارة منعاً للعبث، وحصراً للمسؤولية".