
الرياض-الوئام:
أكد الكاتب علي سعد الموسى في الوطن أن قرار المسؤول الأعلى في كل إدارة حكومية يبدأ من رحلة – متوسطة – لدى موظف على مراتب التاسعة والعاشرة، وينتهي طبخه تقريبا عند المرتبة الثانية أو الثالثة عشرة قبل أن يرفع للمسؤول التنفيذي الأول للبصمة والموافقة. وقال إننا نعلم أن هذه الطبقة من الموظفين هي الطبقة الحقيقية لصناعة القرار وطبخه حتى تسليمه على المفتاح، مثلما نعلم أيضا أن هذه الطبقة الإدارية المتوسطة، وبأنظمة الخدمة المدنية، لا يشملها التدوير والتغيير ولا ينتبه إليها أحد على أنها مصدر ترهل الأداء وزيادة البيروقراطية.
لمطالعة المقال:
الوزير لا يصنع قرارا!
في قراءات التغيير والتدوير الإداري، لا يمكن مثلاً أن تظن أن تسمية مسؤول جديد كافية ما لم يشمل التغيير طواقم الإدارة العليا معه. بعض الوزراء أسرى لطواقم الوزير السابق، وأجزم أن بينهم من هو ضحية الطبقة الوسطى والخفية في مطبخ القرار الإداري، وهي ذات المطابخ التي لم ينفض بلاطها، وبالنظام منذ ثلاثين سنة. نحن نعلم، وببراهين علم الإدارة العامة، أن قرار المسؤول الأعلى في كل إدارة حكومية يبدأ من رحلة – متوسطة – لدى موظف على مراتب التاسعة والعاشرة، وينتهي طبخه تقريبا عند المرتبة الثانية أو الثالثة عشرة قبل أن يرفع للمسؤول التنفيذي الأول للبصمة والموافقة، نحن نعلم أن هذه الطبقة من الموظفين هي الطبقة الحقيقية لصناعة القرار وطبخه حتى تسليمه على المفتاح، مثلما نعلم أيضا أن هذه الطبقة الإدارية المتوسطة، وبأنظمة الخدمة المدنية، لا يشملها التدوير والتغيير ولا ينتبه إليها أحد على أنها مصدر ترهل الأداء وزيادة البيروقراطية. الوزير في كل مكان لا يصنع قرارا وإن صنعه على الورق فسيظل أسيرا لهذه الأذرعة التنفيذية.
الوزير أو المدير لا يعمل بذراعيه بل يتكيف مع ألف ذراع غرست له من قبل، وكل ما يستطيع أن يفعله هو أن يضيف ذراعا إلى أذرعة أخرى لوزراء سابقين من قبله. ولعله من أجل هذه الحقائق الإدارية، نفرح بمعالي الوزير الجديد وتطربنا بعض تصريحاته ثم تكتشف فيما بعد أنه نسخة مكررة من الوزير السابق.
كل الفارق أننا نكتشف أننا زرعنا القيادي الجديد في مشتل هائل وواسع قديم ثم نظن أنه يستطيع تغيير المشتل. نسينا المثل الصيني القديم (الشجرة الضخمة لا تغير تضاريس الغابة). نحن نخطئ تماما حين نعتقد أن شواهد البطء التنموي هي مجرد نفق متعثر أو مشفى مهجور أو مدرسة سيئة البناء والتنفيذ أو لجنة نامت على تفسير قرار وطني سيادي.
هذه كلها مجرد أعراض جانبية للمرض، وهذه كلها مجرد أخشاب على سطح البحيرة. نحن ضحايا علم الإدارة العامة، لا لعلة جوهرية في علم أصيل، بل لأننا قرأنا الكتب الأولى لهذا العلم منذ خمسين عاما ثم كتبناها تعاميم إدارية على طاولة كل موظف. نحن ضحايا هذا العلم، لأننا لم نأخذه على أنه علم يومي متجدد.