![]() |
العباسيون يثورون على نظام الأسد في أهم معاقله
دمشق- جفرا بهاء
أعلنت دمشق أمس أنها نزلت إلى الساحة، ومن لا يعرف ساحة العباسيين ربما يرى في هتاف شباب مظاهرة العباسيين وهو "نزلنا ع الساحة" هتافاً مبالغاً به، وأما من يدرك ويعرف أن ساحة العباسيين هي واحدة من أهم وآخر معاقل النظام السوري في دمشق سيعرف سبب الفرح والحماس الشديدين بوصول التظاهر إلى ساحة العباسيين أكبر ساحات دمشق وأكثرها حماية من الجيش والأمن والتشبيح السوري. جغرافياً.. ساحة العباسيين منطقة وصل ما بين الريف الثائر (القابون- برزة- دوما- حرستا- مناطق الغوطة) ودمشق.. نفسياً واجتماعياً.. ساحة العباسيين واحدة من أكثر المناطق انتشاراً للجيش السوري وأسلحته، حتى إن ملعب العباسيين الممتد على مساحة لا بأس بها في الساحة تحول إلى ثكنة عسكرية منذ ما يقارب أربعة أشهر، وحلت بنادق ورشاشات النظام الأسدي محل المتفرجين والمتابعين للمباريات الرياضية التي غادرت أرض الملعب وتشردت باحثة عن مكان أكثر أمناً وأماناً لتلعب فيه. دمشق ستدفع الثمن ثمة أنواع من العقاب الجماعي يمارسه النظام السوري، وهو وإن كان من الممكن أن يتساهل بخروج مظاهرة في المزة أو القابون أو حتى كفرسوسة، فإنه لن يتساهل أبداً بدخول ساحة العباسيين خارطة التظاهر. ثمة مدن متهمة بالتقصير مهما حاولت أن تطلب الرضا، ومن وجهة نظر النظام دمشق الأكثر تقصيراً من بين المدن السورية، ولا يمكن لمسيرات السبع بحرات المؤيدة أن تشفع لها، ولا يجوز لسيارات الهمر المتمركزة على أتوستراد المزة أن تنجي دمشق من عقاب قرره وبدأ بتنفيذه النظام، فالجرم كبير والعقاب يماثل الجرم في حجمه. لا يمكن لنظام اعتاد حكم البلاد بالنار الرضا بأن يعلو صوت من ساحة العباسيين، كما لم ترق أحلام ثوار سوريا في أحسن حالاتها إلى الوصول لمجرد الحلم بالتظاهر في تلك الساحة، ولا يدري أحد إلى الآن كيف أن أولئك الشباب عادوا إلى بيوتهم أحياء. اليوم أغلقت السلطات السورية جميع الطرق المؤدية لساحة العباسيين، وأعادت الانتشار الكثيف للجيش ضمن الساحة وما حولها، وكثفت تفتيش السيارات والحواجز في المنطقة، فالنظام يعرف أن ساحة العباسيين كانت هدفاً منذ بداية الحراك في دمشق، والثوار يدركون أنه "أي النظام" سيستميت في الدفاع وحماية تلك الساحة. احتلال ساحة والمثير للسخرية في سوريا أن يستعمل تعبير احتلال كناية عن الشعب وليس عن النظام، فالناس يتداولون كلمة "احتلال الساحات" كأمل بعيد المنال، ولعل المفردة هي من التعابير القليلة المشتركة بين المعارضين والمؤيدين للثورة، فبينما اجتمع أولئك وهؤلاء اليوم على حديث خروج مظاهرة في العباسيين، تساءل الطرفان "هل من المعقول أن يستطيع معارضو النظام احتلال ساحة في دمشق". ساحات دمشق لا تخفي حزنها وغضبها بوجود المؤيدين والجيش والشبيحة على أرضها بشكل دائم. ساحات دمشق تعرف أنها آخر من سينضم للثورة السورية، ولكنها في ذات الوقت لا تفقد الأمل، تبحث عن نفسها في خارطة الثورة، تجد المفردات والمعاني ولكنها لا تزال أسيرة قوات النظام. ساحات دمشق اليوم وجدت وطناً يحترمها، فانحنت لساحة العباسيين متوجة إياها الأم الروحية لساحات عاصمة سوريا وآخر معاقل النظام. طيف الوطن وجد طريقه أخيراً لساحة العباسيين، احتلها لدقائق، ترك الهزيمة وغادرها إلى الأبد. |
الساعة الآن 01:31 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025,>