![]() |
تـأمـلات قرانية في تدبر سورة الفاتحة
الشيخ / طلال بن سليمان الدوسري
@tsa1429 نكرر سورة الفاتحة في اليوم عشرات المرات بين سماع و قراءة . حري بنا أن نتأملها و نتدبرها حري بأحدنا كلما قرأ الفاتحة أوسمعها أن يتذكر الحديث القدسي العظيم "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين .." ترى كيف ستكون القراءة حينئذ ؟ "الحمد لله" هل تستحضر أنك جعلت الحمد كله لله .. و لله وحده دون من سواه ؟ هل سأل أحدنا نفسه لماذا يقول "الحمدلله" ؟ ماهي الأمور الأمور التي أوجبت علينا حمده سبحانه و تعالى ؟ لمَّا قال سبحانه "الحمدلله" ذكر له أربع صفات المختصة به سبحانه الموجبة لحمده أولها "رب العالمين" "الحمدلله" لماذا ؟ ج/ أولا لأنه "رب العالمين"، إذن تحمده لأنه ربك الذي رباك بنعمه فليس عندك نعمة إلا هي من ربوبيته لك ، فالحمدلله . كيف سيكون حمدك له لو استحضرت حينها في ذهنك ما استطعت مما أنعمك عليك من صغير أو كبير ؟ لا شك ستزداد له حبا و حمدا من قبلك كيف سيكون حمدك له لو استحضرت كل نعمة أنعمها على أحد في العالم ؟ لأنه ليس ربك فحسب بل "رب العالمين"! أتدري معنى "العالمين" ؟ هم كل من سوى الله ! هل استشعرت أنك تحمده على ربوبيته لكل الخلق و ما يتضمنه ذلك من إنعامه عليهم ؟ "الحمدلله رب العالمين" من استشعرالمعاني السابقة و غيرها هل يليق به أن يتخلف عن ركب الحامدين الشاكرين بألسنتهم و قلوبهم و جوارحهم ؟ "الرحمن الرحيم" لماذا "الحمد لله" ج/ ثانياً: لأنه "الرحمن الرحيم" أوليس حقيقاً بالحمد كله وحده ؟ "الرحمن الرحيم" لم يكن رب العالمين فحسب بل هو "الرحمن الرحيم" فالرحمة من صفات ذاته سبحانه هل تأملت لم خص هذين الإسمين بالذكر ؟ "الرحمن الرحيم" هل استشعرت عظيم رحمته بك و أن تقول أو تسمع . "الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم" ؟ ماذاسيكون شعورك و حبك و طاعتك له "الرحمن الرحيم" ! بل هل استشعرت آثار هذين الإسمين الجليلين في العالم كله دنيا و آخرة ؟ كيف سيكون العالم لو لم يكن رحماناً رحيم ؟ "الرحمن الرحيم" رحمة الأم أعظم مثال بشري للرحمة .. لكنها لاشيء عند رحمة الله ! "لله أرحم بعباده من هذه بولدها" : متفق على صحته . "الرحمن الرحيم" ليس عجيباً أن يكون أرحم بك من أمك .. أوليس هو سبحانه المنعم المتفضل عليك برحمة أمك بك ؟ لولا فضله لم تكن كذلك فرحمة الأم و غيرها من الخلق إنما هي أثر من آثار رحمة "الرحمن الرحيم" . فـ"الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم". بعد ذلك كله من عظيم رحمته التي لا مثيل لها فهو الأحق بالحمد كله وحده . فـ"الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم" لو استشعرنا هذه المعاني كلها و غيرها كيف سيكون حالنا قراءة الفاتحة أو سماعها ؟ "الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم" "مالك يوم الدين" لماذا الحمد لله ؟ ج/ ثالثا لأنه "مالك يوم الدين" ؟ فليس هو رب العالمين في الدنيا فحسب . "مالك يوم الدين" تحمده على ذلك في الدنيا و ستحمده مع الجميع في يوم الدين : " و قضي بينهم بالحق و قيل الحمدلله رب العالمين" هل تأملت ؟ "مالك يوم الدين" وإذا كان مالك يوم الدين فهو مالك كل يوم سواه . "مالك يوم الدين" الدين : الجزاء . فتسميته بهذا إشارة إلى أنه يوم العدل .. إنه ملك الملوك لكنه لا يظلم "الحمدلله . . . مالك يوم الدين" "مالك الدين" هل استشعرت هذا اليوم و ما يكون فيه ؟ كيف ستكون القراءة لو استشعرنا ذلك ؟ و بعد : هل استشعرنا حين نقرأ "الحمد لله" أننا نحمده على كونه . "رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين" الأربع كلها ؟ بعد : "الحمد لله" المتصف بأنه "رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين" قال الله تعالى "إياك نعبد و إياك نستعين" هل تأملت لم "إياك نعبد و إياك نستعين" و ليس : نعبدك و نستعين بك ؟ "إياك نعبد" تفيد معنى إضافي هو أننا لا نعبد سواك و لانستعين بغيرك . "إياك نعبد و إياك نستعين" إذن : هل تأملت أنك تعاهد ربك كل مرة على التوحيد و الإخلاص ؟ "إياك نعبد وإياك نستعين" هل نستشعر حين قراءتها أو سماعها المعنى السابق ؟ ألا نقارنه بأفعالنا فننظر أنحن كذلك ؟ "إياك نعبد و إياك نستعين" أليست الاستعانة نوع من العبادة فلم خصها إذن ؟ "إياك نعبد وإياك نستعين" لمَّا تعهد العبد لربه بالعبادة دون غيره ، كان عليه أن يعلم أنه لا قدرة له على ذلك إلا بالله وحده . "إياك نعبد و إياك نستعين" أبشر فمن صدق في الاستعانة على العبادة بربه : أعانه .. ألم يقل "هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ماسأل" ! "إياك نعبد و إياك نستعين" إذا كانت الاستعانة بالله مطلوبة في كل أمور العبد : فإنها أهم و ألزم ما تكون في أعز مطلوب ، و هو عبادته . "إياك نعبد و إياك نستعين" هل نستشعر اضطرارنا إلى الاستعانة بالله على العبادة ، أم أننا لا تنصرف أذهاننا إلا إلى أمور الدنيا . "و إياك نستعين" الاستعانة بالله على عبادته من أعظم ما يقطع عن النفس داء العجب ؛ إذ إنها تعلم أنه ما منها من شيء فلم و فيم العجب ؟ و أنت تقول : "إياك نعبد و إياك نستعين" هل صلاتك و قراءتك لله خالصة ؟ وهل تستحضر أنها أثر من معونته لك ؟ و بعد : فهل نستشعر المعاني السابقة و غيرها حال قولنا أو سماعنا "إياك نعبد و إياك نستعين" ؟ وكيف سيكون حالنا حينئذ ؟ بعد قوله "إياك نعبد و إياك نستعين" قال : "اهدنا الصراط المستقيم" هل استشعرنا أن هذا الدعاء هو من الاستعانة التي جعلناها بالله ؟ و أحدنا يقول : "اهدنا الصراط المستقيم" هل نحن نستشعر هذا الدعاء ؟ هل أفعالنا توافق طلبنا في هذا الدعاء؟ و أحدنا يقول : "اهدنا الصراط المستقيم" هل استشعرت و أنت تقول هذا الدعاء أن ماسبقه من آيات تقدمة و توسل إلى الله إليه ؟ وأ حدنا يقول : "اهدنا الصراط المستقيم" هل سألت نفسك مرة لماذا هذا الدعاء العظيم في الفاتحة دون غيره ؟ "اهدنا الصراط المستقيم" هل استشعرنا عظيم الاضطرار إلى هذا الدعاء ؟ هل استحضرنا أن أهدى الأمة النبي ﷺ وأصحابه أمرو به ؟ لماذا ؟ حتى و إن كنت صالحا فأنت في ضرورة ل "اهدنا الصراط المستقيم" لأن في كل لحظة مأمورات ومنهيات تحتاج فيها إلى هداية علم و هداية عمل . و نحن نقول "اهدنا الصراط المستقيم" هل نتذكر صراط الآخرة ؟ إنه بقدر الاستقامة على هذا في الدنيا يكون المسير على ذلك في الآخرة ! هل نحن نستشعر المعاني السابقة و غيرها عندما نقول : "اهدنا الصراط المستقيم" ماذا سيكون حال قراءتنا لو استشعرنا ذلك ؟ مقال حول أسرار "اهدنا الصراط المستقيم" http://www.almoslim.net/node/82545 "صراط الذين أنعمت عليهم" و صف الله الصراط المستقيم بأنه صراط الذين أنعم عليهم" تأمل كيف أنه لم ينسبه إليهم مباشرة و سر ذلك _ و الله أعلم _ أن طلبهم الهداية للطراط بدرجة أولى هو: كونه المستقيم، و كونه صراط المنعم عليهم تتمه . "صراط الذين أنعمت عليهم" تأمل قوله "أنعمت" فهم لم يهتدوا للصراط المستقيم إلا بمحض إنعام الله عليهم فحسب !! "صراط الذين أنعمت عليهم" كأن لسان حال الداعي يقول : يارب كما أنعمت عليهم بالهداية للصراط فانعم علينا مثلهم . هل استشعرنا هذا؟ "صراط الذين أنعمت عليهم" هل نحن نستشعر أن أعظم نعمة إلاهية هي الهداية للصراط المستقيم ؟ "صراط الذين أنعمت عليهم" إذا ستشعرنا المعاني السابقة و غيرها زاد إلحاحنا على ربنا بطلب الهداية له . "غير المغضوب عليهم و لا الضالين" لما سأل المؤمن ربه الهداية للصراط المستقيم : زاده تأكيداً أ- بأنه صراط المنعم عليهم . ب- بأنه غير صراط "المغضوب عليهم ولا الضالين" . أخص من يدخل في المغضوب عليهم : اليهود ضلوا مع العلم فغضب الله عليهم "من غضب الله عليه و لعنه و جعل منهم القردة و الخنازير ... " و أخص من يدخل في الضالين : هم النصارى الذي خالفوا الحق مع الجهل و التقصير : "ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا .." تذكرك حال المغضوب عليهم و الضالين من أعظم ما يزيدك إلحاحاً بطلب الهداية . كما أن تذكرك لحال المنعم عليهم يحملك على ذلك . "غير المغضوب عليهم و لا الضالين" مخالفة الحق إما مع العلم كحال اليهود أو مع جهل مع تقصير كحال النصارى و لعل هذا من أسرار ذكرهما . "غير المغضوب عليهم و لا الضالين" كفى بهذين الوصفين منفراً عن مخالفة الصراط المستقيم ! "غير المغضوب عليهم و لا الضالين" و لعظمة هذا الدعاء يؤمن المأمومون عليه . هل نستشعر ذلك حين نؤمن ؟ تأملوا هذا الفضل العظيم : قال صلى الله عليه و سلم : "إذا أمن الإمام ، فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه . لو استشعرنا هذه المعاني و غيرها حال قراءتنا الفاتحة أو سماعنا لها لكان لنا معها شأن آخر ! منقول من حساب الشيخ @tsa1429 |
الساعة الآن 10:23 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025,>