![]() |
منى خزندار: ضايقني طلب "الجوازات" السعودية حضور ولي أمري لاستلام جوازي
شقران الرشيدي- سبق- الرياض:
تفتخر السعودية الدكتورة منى خزندار، مديرة معهد العالم العربي في باريس، بنفسها وببلدها وبتوليها هذا المنصب الدولي المهم، وتقول في حوارها مع "سبق": "بالطبع، هذا شرف كبير لي، أسعد به كثيراً؛ فأنا لا أمثِّل بلدي فقط ولا الخليج أيضاً؛ إنما العالم العربي الغني ثقافياً وفنياً وحضارياً". وتؤكد خزندار أن المعهد عبر تاريخه الطويل نجح في تعزيز حضور الحضارة والثقافة العربية واللغة العربية في فرنسا وأوروبا، على الرغم من ضَعف تمويل مشاريعه الثقافية وأنشطته. وتتحدَّث خزندار بحماسة عن أهم أدوار المرأة – كما تراها هي- المتمثلة في تعليم أولادها المحبة واحترام الآخر والتسامح معه وحب الحياة. وتطرق الحوار مع الدكتورة منى خزندار إلى عدد من النقاط المهمة حول دور المرأة العربية القيادية، والمرأة السعودية، وأبرز ما تعلمته هي من المجتمع الغربي؛ حيث وُلدت في أمريكا، ودرست وعملت في فرنسا، إضافة إلى نظرتها المستقبلية لمعهد العالم العربي بباريس وللحياة بشكل عام.. فإلى تفاصيل الحوار: * في البدء نرحب بك دكتورة منى خزندار، ونود إعطاءنا نبذة عن المعهد العالم العربي بباريس. - أهلا وسهلاً بك شخصياً، وبصحيفة "سبق" الإلكترونية. بالنسبة لسؤالك فالمعهد يُعتبر نتيجة تعاون ثقافي بين فرنسا وبعض الدول العربية، التي رأت أهمية إنشاء صرح ثقافي، يُعنى بمختلف مجالات الإبداع والثقافة والإنتاج العربي. وبالطبع من أهم أهداف المعهد الرئيسية التعريف بالثقافة العربية، ونشرها في فرنسا، وكذلك العمل كجسر ثقافي للتعرُّف على اللغة والحضارة العربية، إضافة إلى تشجيع التبادلات الثقافية والتواصل بين العالم العربي وأوروبا. * يتردد أن بدايات تأسيس المعهد كانت مبادرة سياسية؛ من أجل تخفيف التوتر بين فرنسا والعالم العربي، ثم تحولت إلى أهداف ثقافية وحضارية. - يمكن القول إن معهد العالم العربي هو مؤسسة حضارية مميزة، جمعت بين الثقافة والدبلوماسية في آن واحد، ونجحت في ذلك بشكل كبير، وساهمت في إعطاء الفرنسيين والأوروبيين صورة إيجابية عن الحضارة والثقافة العربية العريقة، كما منحت فرنسا فرصة لتقديم صورة عنها بوصفها بلداً منفتحاً ثقافياً على الآخرين. * ظل المعهد منذ إنشائه قبل عقدين من الزمن حبيس إشكالية تمويل مشاريعه الثقافية وأنشطته، أما زال يعاني مشكلات مالية حتى الوقت الراهن؟ - نعم، للأسف لا يزال يعاني من النواحي المالية الشيء الكثير، وهذا الأمر انعكس بتعطيل العديد من البرامج والأنشطة؛ فعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الفرنسية تشارك في تمويل المعهد، إضافة إلى مواردنا الخاصة ورعاية الشركات، إلا أننا لا نزال نعاني ضَعْف النواحي المالية؛ ما قلل من توسعنا في إقامة النشاطات والتواصل بالشكل المطلوب، ومع ذلك نحاول تحقيق أهدافنا ونكيِّف أنفسنا ومشاريعنا مع ما يتوفر لدينا من موارد. وللعلم فالدول العربية لا تمول المعهد بشكل سنوي، ولا تتدخل في الميزانية إلا بنسبة لا تتجاوز 4 % فقط. * ماذا يعني لك أنك أول امرأة سعودية تتولى منصب المدير العام لمعهد العالم العربي بباريس، وأول امرأة عربية تشغل هذا المنصب؟ - يعني لي الكثير، ويجعلني فخورة بنفسي وبوطني السعودية، وأتمنى من الله التوفيق والنجاح، كما أنني أشعر بالقوة والاعتزاز؛ لأني أول امرأة توليت هذا المنصب، وبالطبع هذا شرف كبير لي؛ يسعدني كثيراً. وأنا في إدارة معهد العالم العربي بباريس لا أمثل بلدي فقط؛ إنما الوطن العربي الكبير والغني ثقافياً وفنياً وحضارياً وبشرياً.. وللعلم فإن إدارة المعهد تُعتبر مزدوجة؛ فهناك مهمة سياسية استراتيجية، يقوم بها المدير الفرنسي، في حين يتولى المدير العربي، الذي أمثله أنا، الجانب الإداري والثقافي. كذلك الأدوار المطلوبة مني بوصفي مديرة للمعهد متنوعة، ما بين ثقافية ودبلوماسية.. إلخ. ومنذ توليت هذا المنصب قبل فترة قصيرة وأنا لدي الحماس والتصميم والكثير من الأفكار والخطط لتطوير أوجه التعاون مع المؤسسات الثقافية العربية، والتعريف أكثر بالثقافة العربية في المحيط الأوروبي، والتعريف بالمبدعين العرب، والعمل على اكتشاف المواهب المتميزة في مختلف المجالات الثقافية. * كيف تم اختيارك لهذا المنصب؟ - في الواقع لم أكن بعيدة عن المعهد طوال الفترة الماضية؛ فقد توليت منذ العام 1987م منصب أمينة قِسم الفنون المعاصرة والتصوير، واستمررت في خدمة المعهد. ومن ناحيتي فأنا أحمل خبرة طويلة، وأعرف جيداً معهد العالم العربي بباريس، وأعتقد أن الاختيار راعى أنه منذ تأسيس المعهد لم يتولَّ إدارته أحد من دول الخليج. * هناك من يرى أن المعهد طوال تاريخه لم يستطع حتى الآن تعزيز العلاقة بين فرنسا والعالم العربي بالشكل المطلوب. - هذا كلام غير دقيق، ومن الصعب الحُكم على المعهد بهذا الشكل القاطع، ولاسيما أن هناك العديد من الإنجازات التي نفخر بها حضارياً وثقافياً وفنياً وفكرياً، لكن تظل الإشكالية - كما ذكرت لك سابقاً - في ضَعْف النواحي المالية، التي كان لها الأثر الكبير في صعوبة التواصل مع المبدعين العرب، وفي إقامة النشاطات والفعاليات والتبادلات الثقافية. ولكن هناك خططاً وبرامج وأفكاراً جديدة، نأمل من خلالها إطلاق شراكات مع مؤسسات عامة ثقافية من العالم العربي، ومؤسسات ثقافية خاصة توفر لنا الدعم الفني والمالي المناسب، ونحن ساعون في ذلك، ونجحنا في عقد بعض الاتفاقيات المهمة. * إلى أي مدى تعتقدين بنجاح فعاليات وأنشطة المعهد في تحقيق حضور إيجابي للحضارة والثقافة العربية في أوروبا؟ - من الواضح أن المعهد نجح بشكل كبير ومهم في تعزيز حضور الحضارة والثقافة العربية واللغة العربية في فرنسا وأوروبا، وفي ربط العديد من العرب المقيمين بحضارتهم وتاريخهم الثقافي، وهناك الكثير من الدراسات والمقترحات لتعزيز الشراكة الفرنسية العربية، والنهوض بالشراكة الأوروبية العربية التي عانت في السنوات الماضية، لكن أنا متأكدة أنها ستنهض من جديد وفق أسس وعوامل حضارية وثقافية حديثة. * لديك مشروع ثقافي مهم، سعيت من خلاله لتعزيز الشراكة العربية الفرنسية، قدمتِه للسفراء العرب في باريس؛ حدثينا عن مشروعك؟ - ركزتُ في مشروعي على أهمية إعادة الشراكة الفرنسية العربية في المعهد بشكل أقوى، والترويج للحضارة والثقافة العربية في فرنسا وأوروبا بشكل أكثر تطوراً، وهدفي من هذا المشروع النهوض بهذه الشراكة إلى مستويات متطورة، تسهم في عودة معهد العالم العربي بباريس منارة عربية مضيئة في مجالات الإبداع والثقافة والفكر. والحمد لله؛ فقد لاقى المشروع استحسان السفراء العرب ودعمهم الكبير، وأشكرهم على ذلك. * بحُكم إقامتك الدائمة في باريس، ما أهم المناسبات الثقافية العربية التي يقيمها المعهد وتنال استحسان الفرنسيين، ويحرصون على متابعتها؟ - الشعب الفرنسي شعب متفهم ومتفتح على الآخرين، ويهمه التعرف على الحضارات والثقافات المختلفة؛ لذا فهم يحرصون على حضور المعارض، واللقاءات، والندوات التي يقدمها مثقفون ومبدعون عرب، ويتابعون الأعمال التي تعبِّر عن الحياة اليومية المعاصرة للإنسان في الوطن العربي، كذلك يتلقون الرسائل الإعلامية والثقافية العربية للأحداث التي لا يشاهدها الجمهور الفرنسي أو الصحافة الفرنسية في وسائل إعلامه المحلية، إضافة إلى حضور معارض الفن التشكيلي، والصور القديمة والخرائط النادرة.. وهم شعب شغوف بالحضارة العربية بشكل كبير. * تحظى مكتبة معهد العالم العربي بباريس بسمعة طيبة في الأوساط الثقافية العربية، وتُعدّ واحدة من أهم إنجازاته.. كم عدد الكتب والدوريات التي تضمها؟ - تضم مكتبة معهد العالم العربي أكثر من 65 ألف كتاب عن مختلف أوجه الحضارة العربية، و1200 دورية بالعربية والفرنسية، إضافة إلى لغات أخرى مثل الألمانية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية، وهي متاحة للجمهور العربي والأوروبي للاطلاع عليها. * قمتم مؤخراً بترميم وإعادة تصميم متحف المعهد، حدثينا عن الشكل الجديد للمتحف وأبرز التغيرات فيه. - المتحف الجديد يضم نحو 380 قِطعة أثرية مأخوذة من متاحف عربية ومؤسسات فرنسية، بوصفها ودائع من متحف اللوفر ومتحف كي برانلي والمكتبة الوطنية ومراكز بحث في الشرق الأدنى، وتم توزيعها على أربعة طوابق، تضم مجموعة مقتنياته ومشغولات خزفية وأزياء قديمة، ومخطوطات نادرة، ونقوشاً دقيقة رخامية بيضاء وإسطرلابات وحلياً ومخطوطات ووثائق من مختلف حِقب التاريخ العربي والإسلامي. ومن الجديد، ومن أجل التعريف بالعالم العربي بشكل صحيح، اعتمدنا الوسائل السمعية البصرية؛ من أجل أن يشعر الزائر وكأنه يتنقل في تجواله داخل أروقة المتحف بمختلف سمات المدن العربية. وقد بلغت ميزانية مشروع إعادة التصميم 5 ملايين يورو، موَّلتها مشكورة مؤسسة جانلوك لاغاردير الفرنسية ودولة الكويت والمملكة العربية السعودية. * ذكرتِ في مقال نُشر لك في جريدة الوطن بعد انتخابك لمنصب مديرة معهد العالم العربي بباريس: "سأنهي غياب ربع قرن لمبدعي الخليج".. فهل نجحتِ في ذلك؟ - بصراحة، ما زلت في البداية.. لكنني أتمنى تقديم الخليج العربي ثقافياً وحضارياً للعالم؛ فهو لم يأخذ حقه؛ حيث كان التركيز سابقاً على ثقافة المغرب العربي؛ وذلك بحُكم قربه من فرنسا، ولأسباب فكرية مشتركة كاللغة الفرنسية. وعموماً أنا أسعى إلى أن يحصل كل بلد عربي على حقه من الاهتمام والتقديم، وفي القريب العاجل سنبرم اتفاقيات مع مؤسسات ثقافية خليجية؛ لتوطيد العلاقات بمشاركة الهيئات الثقافية. كما أود أن يصبح معهد العالم العربي بباريس صوتاً لكل مواطن عربي، سواء كان مقيماً في فرنسا أو زائراً لها، وأن يكون رمزاً للضيافة والكرم العربي، ومركزاً أساسياً للإبداع العربي في أوروبا. * قبل أشهر عدة، وبعد انتخابك مديرة لمعهد العالم العربي بباريس، طلبت الجوازات السعودية حضور ولي أمرك لاستلام جوازك.. هل أحزنك أنك تتولين منصباً دولياً كبيراً وتُعامَلين كقاصر من الجهات الرسمية السعودية؟ - لم يحزنني أبداً؛ لأنني أتفهم ذلك، وأعرف خلفياته.. لكنه ضايقني في تجسيد النظرة القاصرة الضيقة للمرأة، وقلة حيلتها في وطننا؛ فمهما نالت المرأة من درجات علمية، وتبوأت مراكز مرموقة، تظل نظرة المجتمع لها دون ذلك. وصدقني نحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى دعم المرأة السعودية، والعمل المستمر على تحديث اللوائح والأنظمة التي تدعم عطاءات المرأة والرجل في المجتمع، في مختلف المجالات. * من وجهة نظرك، ما أهم أدوار المرأة في الحياة؟ - من وجهة نظري أهم أدوار المرأة هي تعليم أولادها المحبة واحترام الآخر والتسامح وحب الحياة. أما المرأة العربية القيادية فلها أدوارٌ تتميز بها عن غيرها، منها الحكمة والعدل والاجتهاد والمصداقية، ومتابعة جميع التفاصيل في عملها. * كيف ترين عطاءات المرأة السعودية؟ - أنا شخصياً فخورة بالمرأة السعودية وبما حققته في الفترة الأخيرة؛ فلها في الخارج حضور مهم، وأخذت مناصب مهمة، وهي صاحبة إرادة قوية، وأمامها مستقبل كبير. * كونك ابنة الأديب والكاتب المعروف عابد خزندار، والصحفية الرائدة شمس خزندار – رحمها الله - ماذا منحك ذلك؟ - منحني حرية الاختيار واتساع الأفق، وحب الحياة، والعطاء المتواصل، ورسخ فيّ الشغف بالثقافة منذ صغري. * تجيدين اللغات الثلاث "الإنجليزية، العربية والفرنسية"، ماذا أتاح لك ذلك في مجال عملك وفي الحياة؟ - أتاح لي بناء علاقات متينة ومميزة في مجال عملي بالفنون التشكيلية الحديثة، مع الفنانين ونقاد الفن في العالم. * وُلدتِ في الولايات المتحدة، ودرستِ وعشتِ وعملتِ فترة طويلة في باريس.. ماذا تعلمتِ من الغرب؟ - تعلمتُ النظام والدقة والمثابرة، وأهمية المشاركة، وعدم اعتبار المرأة قضية للجدال في المجتمع. * هل أنت متفائلة في الحياة؟ وهل هناك غد أفضل دائماً؟ - بالطبع؛ فالتفاؤل من سماتي وطبيعتي الشخصية. |
الساعة الآن 06:52 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025,>