المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عمّار بن ياسر - رجل من الجنة ..!!


عمار
01-18-2010, 09:46 AM
عمّار بن ياسر - رجل من الجنة ..!!




كان آل ياسر فعلا من أهل الجنة..؟؟


وما كان الرسول عليه الصلاة والسلام مواسيا لهم فحسب حين قال: " صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة".. بل كان يقرر حقيقة يعرفها ويؤكد واقعا يبصره ويراه..
خرج ياسر والد عمّار، من بلده في اليمن يطلب أخا له، ويبحث عنه. وفي مكة طاب له المقام، فاستوطنها محالفاً أبا حذيفة بن المغيرة. وزوّجه أبو حذيفة إحدى إمائه وهي سميّة بنت خياط. ومن هذا الزواج المبارك رزق الله الأبوين عمارا..


وكان إسلامهم مبكرا.. شأن الأبرار الذين هداهم الله.. وشأن الأبرار المبكّرين أيضا، أخذوا نصيبهم الأوفى من عذاب قريش وأهوالها..!!


ولقد كانت قريش تتربّص بالمؤمنين الدوائر..


فان كانوا ممن لهم في قومهم شرف ومنعة، تولوهم بالوعيد والتهديد، ويلقى أبو جهل المؤمن منهم فيقول له:" تركت دين آبائك وهم خير منك.. لنسفّهنّ حلمك، ولنضعنّ شرفك، ولنكسدنّ تجارتك، ولنهلكنّ مالك" ثم يشنون عليه حرب عصبية حامية. وان كان المؤمن من ضعفاء مكة وفقرائها، أو عبيدها، أصلتهم سعيرا. ولقد كان آل ياسر من هذا الفريق..


ووكل أمر تعذيبهم إلى بني مخزوم، يخرجون بهم جميعا.. ياسر، سمية وعمار كل يوم إلى رمضاء مكة الملتهبة، ويصبّون عليهم جحيم العذاب ألوانا وفنونا!!



إن هذه التضحيات النبيلة الهائلة، هي الدعامة التي تهب الدين والعقيدة ثباتا لا يزول، وخلودا لا يبلى. وهكذا لم يكن هناك بد من أن يكون للإسلام تضحياته وضحاياه، ولقد أضاء القرآن الكريم هذا المعنى للمسلمين في أكثر من آية فهو يقول:
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (2) سورة العنكبوت


{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (142) سورة آل عمران



{وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (3) سورة العنكبوت



{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (142) سورة آل عمران



{مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (179) سورة آل عمران



{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ } (166) سورة آل عمران



أجل هكذا علم القرآن حملته وأبناءه أن التضحية جوهر الإيمان، وأن مقاومة التحديّات الظالمة بالثبات وبالصبر وبالإصرار إنما تشكّل أبهى فضائل الإيمان وأروعها. ومن ثمّ فإن دين الله هذا وهو يضع قواعده، ويرسي دعائمه، ويعطي مثله، لا بد له أن يدعم وجوده بالتضحية، ويزكّي نفسه بالفداء، مختارا لهذه المهمة الجليلة نفرا من أبنائه وأوليائه وأبراره يكنون قدوة سامقة ومثلا عاليا للمؤمنين القادمين.





ولقد وصف أصحاب عمّار العذاب الذي نزل به في أحاديث كثيرة. فيقول عمرو بن الحكم: " كان عمّار يعذب حتى لا يدري ما يقول".


ويقول عمرو بن ميمون: " أحرق المشركون عمّار بن ياسر بالنار، فكان رسول الله يمر به، ويمر يده على رأسه ويقول: يا نار كوني بردا وسلاما على عمّار، كما كنت بردا وسلاما على ابراهيم"..



**


استقرّ المسلمون بالمدينة بعد هجرة رسولهم إليها، وأخذ المجتمع الإسلامي هناك يتشكّل سريعا، ويستكمل نفسه. ووسط هذه الجماعة المسلمة المؤمنة،أخذ عمار مكانه عليّا..!! كان رسول الله يحبه حبا حمّا، ويباهي أصحابه بايمانه وهديه. وحين وقع سوء تفاهم بين عمار وخالد بن الوليد، قال رسول الله:" من عادى عمارا، عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله". وكان يقول عليه الصلاة والسلام: "إن عمّارا جلدة ما بين عينيّ وأنفي"...



وإذا أحب رسول الله مسلما إلى هذا الحد، فلا بد أن يكون إيمانه، وبلاؤه، وولاؤه، وعظمة نفسه، واستقامة ضميره ونهجه قد بلغت المدى، وانتهت إلى ذروة الكمال الميسور..!!


وكذلكم كان عمار فقد بلغ من درجات الهدى واليقين ما جعل الرسول يزكّي إيمانه، ويرفعه بين أصحابه قدوة ومثلا فيقول: " اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر... واهتدوا بهدي عمّار"..


***
إثر استقرار المسلمين في المدينة، وقد نهض الرسول الأمين وحوله الصحابة الأبرار، شعثاً لربهم وغبراً، بنون بيته، ويقيمون مسجده وقد امتلأت أفئدتهم المؤمنة غبطة وابتهلت حمدا لربها وشكرا. الجميع يعملون في حبور وأمل، يحملون الحجارة أو يعجنون الملاط أو يقيمون البناء..وعمار بن ياسر هناك وسط الجمع الحافل يحمل الحجارة الثقيلة من منحتها إلى مستقرّها... ويبصره الرحمة المهداة محمد رسول الله، فيأخذه إليه حنان عظيم، ويقترب منه وينفض بيده البارّة الغبار الذي كسى رأسه، ويتأمّل وجهه الوديع المؤمن بنظرات ملؤها نور الله، ثم يقول على ملأ من أصحابه جميعاً: " ويح ابن سميّة..!! تقتله الفئة الباغية"...



وتتكرر النبوءة مرّة أخرى حين يسقط جدار كان يعمل تحته، فيظن بعض إخوانه أنه قد مات، فيذهب ينعاه إلى رسول الله ، ويفزّع الأصحاب من وقع النبأ.. لكن رسول الله يقول في طمأنينة وثقة: " ما مات عمّار تقتله الفئة الباغية"..


فمن تكون هذه الفئة يا ترى..؟؟


ومتى..؟ وأي..؟ لقد أصغى عمّار للنبوءة إصغاء من يعرف صدق البصيرة التي يحملها رسوله العظيم..


ويذهب الرسول إلى الرفيق الأعلى.. ثم لحق به إلى رضوان الله أبو بكر.. ثم لحق بهما عمر.. وولي الخلافة ذي النورين عثمان بن عفان ..


وكانت المؤامرات ضدّ الإسلام تعمل عملها المستميت، وتحاول أن تربح بالغدر وإثارة الفتن ما خسرته في الحرب. وكان مقتل عمر أول نجاح أحرزته هذه المؤامرات التي أخذت تهبّ على المدينة كريح السموم من تلك البلاد التي دمّر الإسلام ملكها وعروشها.. وأغراها استشهاد عمر على مواصلة مساعيها، فألّبت الفتن وأيقظتها في معظم بلاد الإسلام..


ولعل عثمان ، لم يعط الأمور ما تستحقه من الاهتمام والحذر، فوقعت الواقعة واستشهد عثمان ، وانفتحت على المسلمين أبواب الفتنة.. وقام معاوية ينازع الخليفة الجديد عليّا كرّم الله وجهه حقه في الأمر، وفي الخلافة...



وتعددت اتجاهات الصحابة.. فمنهم من نفض يديه من الخلاف وأوى إلى بيته، جاعلا شعاره كلمة ابن عمر:


" من قال حيّ على الصلاة أجبته...


ومن قال حيّ على الفلاح أجبته..


ومن قال حيّ على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله، قلت: لا"..


ومنهم من انحاز إلى معاوية.. ومنهم من وقف إلى جوار عليّ صاحب البيعة، وخليفة المسلمين.. ترى أين يقف اليوم عمّار؟؟ أين يقف الرجل الذي قال عنه رسول الله : " واهتدوا بهدي عمّار"..؟


أين يقف الرجل الذي قال عنه رسول الله : " من عادى عمّارا عاداه الله"..؟
والذي كان إذا سمع رسول الله صوته يقترب من منزله قال: " مرحبا بالطيّب المقدام، إئذنوا له"..!!



لقد وقف إلى جوار عليّ ابن أبي طالب، لا متحيّزاً ولا متعصباً، بل مذعناً للحق، وحافظاً للعهد. فعليّ خليفة المسلمين، وصاحب البيعة بالإمامة. ولقد أخذ الخلافة وهو لها أهل وبها جدير. وعليّ قبل هذا وبعد هذا، صاحب المزايا التي جعلت منزلته من رسول الله كمنزلة هارون من موسى.


وجاء يوم صفين الرهيب. وخرج الإمام علي يواجه العمل الخطير الذي اعتبره تمرّداً يحمل هو مسؤولية قمعه. وخرج معه عمار وكان قد بلغ من العمر يومئذ ثلاثة وتسعين..


كان الرجل الدائم الصمت، القليل الكلام، لا يكاد يحرّك شفتيه حين يحرّكهما إلا بهذه الضراعة: "عائذ بالله من فتنة... عائذ بالله من فتنة.."


وحين وقع الخطر ونشبت الفتنة، كان ابن سميّة يعرف مكانه فوقف يوم صفين حاملاً سيفه وهو ابن الثالثة والتسعين كما قلنا ليناصر به حقا من يؤمن بوجوب مناصرته..


ولقد أعلن وجهة نظره في هذا القتال قائلاً:



" أيها الناس... سيروا بنا نحو هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يثأرون لعثمان، ووالله ما قصدهم الأخذ بثأره، ولكنهم ذاقوا الدنيا، واستمرءوها، وعلموا أن الحق يحول بينهم وبين ما يتمرّغون فيه من شهواتهم ودنياهم. وما كان لهؤلاء سابقة في الإسلام يستحقون بها طاعة المسلمين لهم، ولا الولاية عليهم، ولا عرفت قلوبهم من خشية الله ما يحملهم على اتباع الحق. وإنهم ليخادعون الناس بزعمهم أنهم يثأرون لدم عثمان.. وما يريدون إلا أن يكونوا جبابرة وملوكا؟...


ثم أخذ الراية بيده، ورفعها فوق الرؤوس عالية خافقة، وصاح في الناس قائلا:


" والذي نفسي بيده.. لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله ، وهأنذا أقاتل بها اليوم. والذي نفسي بيده لو هزمونا حتى يبلغوا سعفات هجر، لعلمت أننا على الحق، وأنهم على الباطل". ولقد تبع الناس عماراً، وآمنوا بصدق كلماته.


وقد كانت نبوءة رسول الله تأتلق أمام عينيه بحروف كبيرة: " تقتل عمّار الفئة الباغية"..


من أجل هذا كان صوته يجلجل في أفق المعركة : "اليوم ألقى الأحبة محمداً وصحبه"..!!



ولقد حاول رجال معاوية أن يتجنبوا عمّار ما استطاعوا، حتى لا تقتله سيفهم فيتبيّن للناس أنهم الفئة الباغية. بيد أن شجاعة عمار الذي كان يقتل وكأنه جيش واحد، أفقدتهم صوابهم، فأخذ بعض جنود معاوية يتحيّنون الفرصة لإصابته، حتى إذا تمكّنوا منه أصابوه.
**


دفن عمار في ثيابه المضمّخة بدمه الزكي فما في كل حرير الدنيا وديباجها ما يصلح أن يكون كفنا لشهيد جليل مثله.

شمعة المنتدى
01-18-2010, 06:29 PM
عمار

يسعدك ربي على المعلومات والموضوع الرائع ....

شمعة المنتدى

موادع
02-20-2010, 07:29 PM
الله يجزاك خير

ولك جزيل الشكر

وتقبل خالص تحياتي