أنامل أنوثه
01-05-2010, 10:06 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
يقول كاتب القصة
أي شخص كان قد رآني متسلقاً سور المقبرة في هذه الساعة من الليل، كان سيقول: أكيد مجنون، أو أن لديه مصيبة. والحق أن لديَّ مصيبة، كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري - رحمه الله: أنه كان لديه قبراً في منـزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى ( رب ارجعون .. رب ارجعون )
ثم يقوم منتفضاً ويقول : ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
حدث أن فاتتني صلاة الفجر، وهي صلاة من كان يحافظ عليها، ثم فاتـته فسيحس بضيقة شديدة طوال اليوم
عند ذلك .
تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني، فقلت لابد وأن في الأمر شيء، ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي؛ هنا كان لابد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها حتى لا تركن لمثل هذه الأمور فتروح بي إلى النار قررت أن أدخل القبر حتى أؤدبها
ولابد أن ترتدع وأن تعلم أن هذا هو منـزلها ومسكنها إلى ما يشاء الله. وكل يوم أقول لنفسي دع هذا الأمر غداً وجلست أسوف في هذا الأمر حتى فاتـتني صلاة الفجر مرة أخرى .
حينها قلت: كفى . وأقسمت أن يكون الأمر هذه الليلة .
ذهبت بعد منتصف الليل، حتى لا يراني أحد، وتفكرت: هل أدخل من الباب http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif حينها سأوقظ حارس المقبرة! أو لعله غير موجود! أم أتسور السور http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
إن أوقظته لعله يقول لي تعال في الغد، أو حتى يمنعني ، وحينها يضيع قسمي، فقررت أن أتسور السور ..
رفعت ثوبي وتلثمت بشماغي واستعنت بالله وصعدت، برغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيراً كمشيع، إلا أنني أحسست أنني أراها لأول مرة .
ورغم أنها كانت ليلة مقمرة، إلا أنني أكاد أقسم أنني ما رأيت أشد منها سواداً تلك الليلة، كانت ظلمة حالكة، سكون رهيب .
هذا هو صمت القبور بحق، تأملتها كثيراً من أعلى السور، واستـنشقت هوائها، نعم إنها رائحة القبور ، أميزها عن ألف رائحة، رائحة الحنوط ، رائحة بها طعم الموت الصافي .
وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين ..
إيه أيتها القبور، ما أشد صمتك وما أشد ما تخفينه، ضحك ونعيم، وصراخ وعذاب أليم، ماذا سيقول لي أهلك لو حدثتهم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلى الله عليه وسلم ) الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم )
قررت أن أهبط حتى لا يراني أحد في هذه الحالة، فلو رآني أحد فإما سيقول أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبة، وأي مصيبة بعد ضياع صلاة الفجر عدة مرات .
هبطت داخل المقبرة، وأحسست حينها برجفة في القلب، والتصقت بالجدار ولا أدري لأحتمي من ماذاhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
عللت ذلك لنفسي بأنه خشية من المرور فوق القبور وانتهاكها، أنا لست جباناً، لكنني شعرت بالخوف حقا !
نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بها القبور المفتوحة والتي تنتظر ساكنيها. إنها أشد بقع المقبرة سواداً ، وكأنها تناديني، مشتاقة إليَّ : متى ستكون فيَّ http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
أمشي محاذراً بين القبور، وكلما تجاوزت قبراً تساءلت أشقي أم سعيد http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif شقي بسبب ماذاhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أضيّع الصلاة http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أم كان من أهل الغناء والطربhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أم كان من أهل الزنىhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
لعل من تجاوزت قبره الآن كان يظن أنه أشد أهل الأرض قوة، وأن شبابه لن يفنىhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif وأنه لن يموت كمن مات قبلهhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
: أم أنه كان يقول
ما زال في العمر بقية،
سبحان من قهر الخلق بالموت
أبصرت الممر، حتى إذا وصلت إليه، ووضعت قدمي عليه، أسرعت نبضات قلبي فالقبور يميني ويساري، وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية، ثم بدأت أولى خطواتي، بدت وكأنها دهر، أين سرعة قدميhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif ما أثقلهما الآن، تمنيت أن تطول المسافة ولا تنتهي ابداً، لأنني أعلم ما ينتظرني هناك .
اعلم، فقد رأيت القبر كثيرا، ولكن هذه المرة مختلفة تماماً أفكار عجيبة، أكاد أسمع همهمة خلف أذني، نعم، أسمع همهمة جليّة، وكأن شخصاً يتنفس خلف أذني، خفت أن أنظر خلفي، خفت أن أرى أشخاصاً يلوحون إليّ من بعيد، خيالات سوداء تعجب من القادم في هذا الوقت، بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطان، لا يهمني شيء طالما أنني قد صليت العشاء في جماعه .
أخيراً، أبصرت القبور المفتوحة، أقسم للمرة الثانية أنني ما رأيت أشد منها سواداً، كيف أتتني الجرأة حتى أصل بخطواتي إلى هنا http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif بل كيف سأنزل في هذا القبر http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif وأي شئ ينتظرني في الأسفل http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif فكرت بالإكتفاء بالوقوف و أن أصوم ثلاثة أيام تكفيراً لقسمي .
ولكن لا
لن أصل إلى هنا ثم أقف، يجب أن أكمل، ولكن لن أنزل إلى القبر مباشرة، بل سأجلس خارجه قليلاً حتى تأنس نفسي .
ما أشد ظلمته، وما أشد ضيقه، كيف لهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنةhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
سبحان الله
يبدو أن الجو قد إزداد برودة، أم هي قشعريرة في جسدي من هذا المنظرhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif هل هذا صوت الريح http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif ليس ريحاً، لا أرى ذرة غبار في الهواء، هل هي وسوسة أخرىhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
استعذت بالله من الشيطان الرجيم، ثم أنزلت الشماغ ووضعته على الأرض ثم جلست وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب، إنه المكان الذي لا مفر منه أبداً ، سبحان الله ، نسعى لكي نحصل على كل شيء، وهذه هي النهاية: لاشئ .
كم تنازعنا في الدنيا، اغتبنا، تركنا الصلاة، آثرنا الغناء على القرآن، والكارثة أننا نعلم أن هذا مصيرنا، وقد حذّرنا الله منه ورغم ذلك نتجاهل .
أشحت بوجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت، وكأني خفت أن يرد عليّ أحدهم : يا أهل القبور ، مالكم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين أصواتكم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين أبناؤكم عنكم اليوم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين أموالكمhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين وأينhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif كيف هو الحساب http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أخبروني عن ضمة القبر، أتكسر الأضلاع http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أخبروني عن منكر و نكير، أخبروني عن حالكم مع الدود
سبحان الله، نستاء إذا قدم لنا أهلنا طعام بارد أو لا يوافق شهيتنا، واليوم .. نحن الطعام، لابد من النزول إلى القبر .
قمت وتوكلت على الله، ونزلت برجلي اليمين، وافترشت شماغي، ووضعت رأسي وأنا أفكر، ماذا لو انهال عليَّ التراب فجأة http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif ماذا لو ضُم القبر عليَّ مرة واحدةhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
نمت على ظهري وأغلقت عينيَّ حتى تهدأ ضربات قلبي، حتى تخف هذه الرجفة التي في الجسد، ما أشده من موقف وأنا حي . فكيف سيكون عند الموت http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
فكرت أن أنظر إلى اللحد، هو بجانبي، والله لا أعلم شيئاً أشد منه ظلمة، ياللعجب! رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواء البارد يأتي منه! فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif خفت أن أنظر إليه فأرى عينان تلمعان في الظلام وتنظران إليَّ بقسوة. أو أن أرى وجهاً شاحباً لرجل تكسوه علامات الموت ناظراً إلى الأعلى متجاهلني تماماً، حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد .
ليس بي من الشجاعه أن أخاطر وأرى أياً من هذه المناظر رغم علمي أن اللحد خالياً، ولكن تكفي هذه المخاوف حتى أمتنع تماماً عن النظر إليه .تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتضر (لا إله إلا الله .. إن للموت سكرات ) تخيلت جسدي عند نزول الموت يرتجف بقوة وأنا أرفع يدي محاولاً إرجاع روحي. وتخيلت صراخ أهلي عالياً من حولي : أين الطبيبhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين الطبيب http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
) فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )
تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون : لا إله إلا الله، تخيلتهم يمشون بي سريعاً إلى القبر، وتخيلت أحب أصدقائي إلي وهو يسارع لأن يكون أول من ينـزل إلى القبر، تخيلته يضع يديه تحت رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع، يصرخ فيهم: جهزوا الطوب .
وتخيلت أحمد يجري ممسكاً إبريقاً من الماء يناولهم إياه بعدما حثوا عليَّ التراب، تخيلت الكل يرش الماء على قبري، تخيلت شيخنا يصيح فيهم : ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل، ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل .
ثم رحلوا، وتركوني فرداً وحيداً، تذكرت قول الله تعالى (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة، وتركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم ) نعم صدق الله، تركت زوجتي، فارقت أبنائي، تخلـيّت عن مالي، أو هو تخلى عني .تخيّلت كأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادماً، ظهروا بأصوات مفزعة، وأشكال مخيفة، ينادي بعضهم بعضاً: أهو العبد العاصيhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
فيقول الآخر: نعم. فيقال: أمشيع متروك أم محمول ليس له مفرhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif فيجيبه الآخر: بل محمول إلينا ليس له مفر. فينادى : هلموا إليه حتى يعلم أن الله عزيز ذو انتقام .
رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين: ما غرك بربك الكريم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif ما غرك بربك الكريم حتى تنام عن الفريضة .. ما الذي خدعك حتى عصيت الواحد القهارhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أهي الدنياhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أما كنت تعلم أنها دار فناءhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif وقد فنيت! أهي الشهواتhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أما تعلم أنها إلى زوالhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif وقد زالت! أم هو الشيطانhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أما علمت أنه لك عدو مبينhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أمثلك يعصى الجبار، والرعد يسبح بحمده والملائكة من خيفته، لا نجاة لك منَّا اليوم، اصرخ ليس لصراخك مجيب
فجلست اصرخ رب ارجعون، رب ارجعون. وكأني بصوت يهز القبر والفضاء، يملأني يئساً يقول : (كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ
إلى يوم يبعثون )
بكيت ماشاء الله أن أبكي، ثم قلت: الحمدلله رب العالمين، مازال هناك وقت للتوبة، استغفر الله العظيم وأتوب إليه ثم قمت مكسوراً، وقد عرفت قدري، وبان لي ضعفي، أخذت شماغي وأزلت عنه ما بقى من تراب القبر ، وعدت وأنا أردد قول جبريل للحبيب صلى الله عليه وسلم :
عش ما شئت فإنك ميت ، و أحبب من شئت فإنك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنك مجزي به
يقول كاتب القصة
أي شخص كان قد رآني متسلقاً سور المقبرة في هذه الساعة من الليل، كان سيقول: أكيد مجنون، أو أن لديه مصيبة. والحق أن لديَّ مصيبة، كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري - رحمه الله: أنه كان لديه قبراً في منـزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى ( رب ارجعون .. رب ارجعون )
ثم يقوم منتفضاً ويقول : ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
حدث أن فاتتني صلاة الفجر، وهي صلاة من كان يحافظ عليها، ثم فاتـته فسيحس بضيقة شديدة طوال اليوم
عند ذلك .
تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني، فقلت لابد وأن في الأمر شيء، ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي؛ هنا كان لابد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها حتى لا تركن لمثل هذه الأمور فتروح بي إلى النار قررت أن أدخل القبر حتى أؤدبها
ولابد أن ترتدع وأن تعلم أن هذا هو منـزلها ومسكنها إلى ما يشاء الله. وكل يوم أقول لنفسي دع هذا الأمر غداً وجلست أسوف في هذا الأمر حتى فاتـتني صلاة الفجر مرة أخرى .
حينها قلت: كفى . وأقسمت أن يكون الأمر هذه الليلة .
ذهبت بعد منتصف الليل، حتى لا يراني أحد، وتفكرت: هل أدخل من الباب http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif حينها سأوقظ حارس المقبرة! أو لعله غير موجود! أم أتسور السور http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
إن أوقظته لعله يقول لي تعال في الغد، أو حتى يمنعني ، وحينها يضيع قسمي، فقررت أن أتسور السور ..
رفعت ثوبي وتلثمت بشماغي واستعنت بالله وصعدت، برغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيراً كمشيع، إلا أنني أحسست أنني أراها لأول مرة .
ورغم أنها كانت ليلة مقمرة، إلا أنني أكاد أقسم أنني ما رأيت أشد منها سواداً تلك الليلة، كانت ظلمة حالكة، سكون رهيب .
هذا هو صمت القبور بحق، تأملتها كثيراً من أعلى السور، واستـنشقت هوائها، نعم إنها رائحة القبور ، أميزها عن ألف رائحة، رائحة الحنوط ، رائحة بها طعم الموت الصافي .
وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين ..
إيه أيتها القبور، ما أشد صمتك وما أشد ما تخفينه، ضحك ونعيم، وصراخ وعذاب أليم، ماذا سيقول لي أهلك لو حدثتهم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلى الله عليه وسلم ) الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم )
قررت أن أهبط حتى لا يراني أحد في هذه الحالة، فلو رآني أحد فإما سيقول أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبة، وأي مصيبة بعد ضياع صلاة الفجر عدة مرات .
هبطت داخل المقبرة، وأحسست حينها برجفة في القلب، والتصقت بالجدار ولا أدري لأحتمي من ماذاhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
عللت ذلك لنفسي بأنه خشية من المرور فوق القبور وانتهاكها، أنا لست جباناً، لكنني شعرت بالخوف حقا !
نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بها القبور المفتوحة والتي تنتظر ساكنيها. إنها أشد بقع المقبرة سواداً ، وكأنها تناديني، مشتاقة إليَّ : متى ستكون فيَّ http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
أمشي محاذراً بين القبور، وكلما تجاوزت قبراً تساءلت أشقي أم سعيد http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif شقي بسبب ماذاhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أضيّع الصلاة http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أم كان من أهل الغناء والطربhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أم كان من أهل الزنىhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
لعل من تجاوزت قبره الآن كان يظن أنه أشد أهل الأرض قوة، وأن شبابه لن يفنىhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif وأنه لن يموت كمن مات قبلهhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
: أم أنه كان يقول
ما زال في العمر بقية،
سبحان من قهر الخلق بالموت
أبصرت الممر، حتى إذا وصلت إليه، ووضعت قدمي عليه، أسرعت نبضات قلبي فالقبور يميني ويساري، وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية، ثم بدأت أولى خطواتي، بدت وكأنها دهر، أين سرعة قدميhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif ما أثقلهما الآن، تمنيت أن تطول المسافة ولا تنتهي ابداً، لأنني أعلم ما ينتظرني هناك .
اعلم، فقد رأيت القبر كثيرا، ولكن هذه المرة مختلفة تماماً أفكار عجيبة، أكاد أسمع همهمة خلف أذني، نعم، أسمع همهمة جليّة، وكأن شخصاً يتنفس خلف أذني، خفت أن أنظر خلفي، خفت أن أرى أشخاصاً يلوحون إليّ من بعيد، خيالات سوداء تعجب من القادم في هذا الوقت، بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطان، لا يهمني شيء طالما أنني قد صليت العشاء في جماعه .
أخيراً، أبصرت القبور المفتوحة، أقسم للمرة الثانية أنني ما رأيت أشد منها سواداً، كيف أتتني الجرأة حتى أصل بخطواتي إلى هنا http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif بل كيف سأنزل في هذا القبر http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif وأي شئ ينتظرني في الأسفل http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif فكرت بالإكتفاء بالوقوف و أن أصوم ثلاثة أيام تكفيراً لقسمي .
ولكن لا
لن أصل إلى هنا ثم أقف، يجب أن أكمل، ولكن لن أنزل إلى القبر مباشرة، بل سأجلس خارجه قليلاً حتى تأنس نفسي .
ما أشد ظلمته، وما أشد ضيقه، كيف لهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنةhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
سبحان الله
يبدو أن الجو قد إزداد برودة، أم هي قشعريرة في جسدي من هذا المنظرhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif هل هذا صوت الريح http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif ليس ريحاً، لا أرى ذرة غبار في الهواء، هل هي وسوسة أخرىhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
استعذت بالله من الشيطان الرجيم، ثم أنزلت الشماغ ووضعته على الأرض ثم جلست وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب، إنه المكان الذي لا مفر منه أبداً ، سبحان الله ، نسعى لكي نحصل على كل شيء، وهذه هي النهاية: لاشئ .
كم تنازعنا في الدنيا، اغتبنا، تركنا الصلاة، آثرنا الغناء على القرآن، والكارثة أننا نعلم أن هذا مصيرنا، وقد حذّرنا الله منه ورغم ذلك نتجاهل .
أشحت بوجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت، وكأني خفت أن يرد عليّ أحدهم : يا أهل القبور ، مالكم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين أصواتكم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين أبناؤكم عنكم اليوم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين أموالكمhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين وأينhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif كيف هو الحساب http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أخبروني عن ضمة القبر، أتكسر الأضلاع http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أخبروني عن منكر و نكير، أخبروني عن حالكم مع الدود
سبحان الله، نستاء إذا قدم لنا أهلنا طعام بارد أو لا يوافق شهيتنا، واليوم .. نحن الطعام، لابد من النزول إلى القبر .
قمت وتوكلت على الله، ونزلت برجلي اليمين، وافترشت شماغي، ووضعت رأسي وأنا أفكر، ماذا لو انهال عليَّ التراب فجأة http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif ماذا لو ضُم القبر عليَّ مرة واحدةhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
نمت على ظهري وأغلقت عينيَّ حتى تهدأ ضربات قلبي، حتى تخف هذه الرجفة التي في الجسد، ما أشده من موقف وأنا حي . فكيف سيكون عند الموت http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
فكرت أن أنظر إلى اللحد، هو بجانبي، والله لا أعلم شيئاً أشد منه ظلمة، ياللعجب! رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواء البارد يأتي منه! فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif خفت أن أنظر إليه فأرى عينان تلمعان في الظلام وتنظران إليَّ بقسوة. أو أن أرى وجهاً شاحباً لرجل تكسوه علامات الموت ناظراً إلى الأعلى متجاهلني تماماً، حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد .
ليس بي من الشجاعه أن أخاطر وأرى أياً من هذه المناظر رغم علمي أن اللحد خالياً، ولكن تكفي هذه المخاوف حتى أمتنع تماماً عن النظر إليه .تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتضر (لا إله إلا الله .. إن للموت سكرات ) تخيلت جسدي عند نزول الموت يرتجف بقوة وأنا أرفع يدي محاولاً إرجاع روحي. وتخيلت صراخ أهلي عالياً من حولي : أين الطبيبhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أين الطبيب http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
) فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )
تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون : لا إله إلا الله، تخيلتهم يمشون بي سريعاً إلى القبر، وتخيلت أحب أصدقائي إلي وهو يسارع لأن يكون أول من ينـزل إلى القبر، تخيلته يضع يديه تحت رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع، يصرخ فيهم: جهزوا الطوب .
وتخيلت أحمد يجري ممسكاً إبريقاً من الماء يناولهم إياه بعدما حثوا عليَّ التراب، تخيلت الكل يرش الماء على قبري، تخيلت شيخنا يصيح فيهم : ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل، ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل .
ثم رحلوا، وتركوني فرداً وحيداً، تذكرت قول الله تعالى (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة، وتركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم ) نعم صدق الله، تركت زوجتي، فارقت أبنائي، تخلـيّت عن مالي، أو هو تخلى عني .تخيّلت كأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادماً، ظهروا بأصوات مفزعة، وأشكال مخيفة، ينادي بعضهم بعضاً: أهو العبد العاصيhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif
فيقول الآخر: نعم. فيقال: أمشيع متروك أم محمول ليس له مفرhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif فيجيبه الآخر: بل محمول إلينا ليس له مفر. فينادى : هلموا إليه حتى يعلم أن الله عزيز ذو انتقام .
رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين: ما غرك بربك الكريم http://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif ما غرك بربك الكريم حتى تنام عن الفريضة .. ما الذي خدعك حتى عصيت الواحد القهارhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أهي الدنياhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أما كنت تعلم أنها دار فناءhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif وقد فنيت! أهي الشهواتhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أما تعلم أنها إلى زوالhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif وقد زالت! أم هو الشيطانhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أما علمت أنه لك عدو مبينhttp://www.vb.7bebtte.com/images/smilies/what.gif أمثلك يعصى الجبار، والرعد يسبح بحمده والملائكة من خيفته، لا نجاة لك منَّا اليوم، اصرخ ليس لصراخك مجيب
فجلست اصرخ رب ارجعون، رب ارجعون. وكأني بصوت يهز القبر والفضاء، يملأني يئساً يقول : (كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ
إلى يوم يبعثون )
بكيت ماشاء الله أن أبكي، ثم قلت: الحمدلله رب العالمين، مازال هناك وقت للتوبة، استغفر الله العظيم وأتوب إليه ثم قمت مكسوراً، وقد عرفت قدري، وبان لي ضعفي، أخذت شماغي وأزلت عنه ما بقى من تراب القبر ، وعدت وأنا أردد قول جبريل للحبيب صلى الله عليه وسلم :
عش ما شئت فإنك ميت ، و أحبب من شئت فإنك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنك مجزي به