المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما أن نجحت ثورتا تونس ومصر


محب الأخبار
02-18-2011, 05:58 PM
محيط(ضوء):


ما أن نجحت ثورتا تونس ومصر ، إلا وسارع كثيرون للتساؤل حول الدولة العربية التي سيكون عليها الدور وكانت المفاجأة هي اندلاع احتجاجات واسعة في ثلاث دول مرة واحدة .

صحيح أن الأوضاع الداخلية في كل من اليمن والبحرين وليبيا ليست واحدة ، إلا أن اللافت للانتباه أن الهزات الارتدادية لما حدث في زلزال ثورتي تونس ومصر انتقلت سريعا للدول الثلاث ، حيث بدأت الاحتجاجات بدعوات لمكافحة الفساد والإصلاح السياسي ورفع القيود على الحريات ، وسرعان ما تطور الأمر للمطالبة بإسقاط الأنظمة الحاكمة .

بل وكانت المفاجأة أيضا أن الأنظمة الحاكمة في الدول الثلاث وقعت في الخطأ ذاته الذي أسرع بالإطاحة بنظامي زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر ألا وهو القسوة التي قابلت بها الشرطة المتظاهرين ، الأمر الذي زاد من حدة الغضب الشعبي ووسع من نطاق المظاهرات وعزز من دعوات البعض لإسقاط الأنظمة الحاكمة رغم أن هذا الأمر لم يكن مطروحا في البداية .

ويبقى التساؤل اللغز " هل يستيقظ العرب صباح يوم على مفاجآت جديدة كتلك التي حدثت في تونس ومصر ؟".


http://www.daoo.org/infimages/myuppic/4d5e229076364.jpg
ورغم أن الإجابة ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض بالنظر إلى اختلاف الأوضاع في كل من اليمن والبحرين وليبيا ، إلا أن هناك عددا من الأمور قد تساعد في توقع ما ستحمله الأيام المقبلة .

فالنسبة لليمن ، فإن الوضع هناك معقدا للغاية حيث يوجد حراك جنوبي يسعى للانفصال وانتشار واسع لتنظيم القاعدة ، بالإضافة إلى الصراع مع الحوثيين مع الشمال ، وهو ما انعكس بوضوح في الشعارات التي تم رفعها خلال المظاهرات .

فقد ركزت الاحتجاجات المتواصلة في صنعاء منذ 8 فبراير على المطالبة برحيل الرئيس اليمني الذي يتولى الحكم منذ 33 عاما ، حيث هتف المحتجون "الشعب يريد إسقاط الرئيس ، الشعب يريد إسقاط النظام" في ترديد لشعارات الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك ، هذا فيما كان الأمر مختلفا في احتجاجات أنصار الحراك الجنوبي في محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة والضالع ، حيث طالبوا بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح وبالانفصال عن الشمال وعودة دولة الجنوب التي كانت مستقلة حتى 1990 وهو الأمر الذي يحمل خطورة بالغة ومن شأنه أن يقلق دول الجوار وخاصة السعودية التي تريد أن يكون اليمن مستقرا وموحدا لمواجهة خطر القاعدة وتجنب إثارة القلاقل على حدودها .

http://www.daoo.org/infimages/myuppic/4d5e229078a73.jpg
بل وهناك من ذهب إلى أن التركيز على الانفصال في هذا الوقت تحديدا قد يضعف دعوات التغيير ويدعم النظام الحاكم ، فمعروف أن الحراك الجنوبي الذي نشط في السنوات الأخيرة كان يدعو للانفصال بسبب احتجاجه على "التهميش" الذي اتبعه النظام الحاكم ، إلا أنه بعد اندلاع احتجاجات واسعة في صنعاء تطالب بسقوط النظام تأكد للجميع أن الشمال يعاني أيضا كالجنوب من الفقر والبطالة وغياب التنمية والحريات ، ولذا كان متوقعا أن يتوحد الجميع خلف التغيير والإصلاح وبناء اليمن الجديد القوي بدلا من الدعوة للانفصال .

وهناك أمر آخر هام في هذا الصدد وهو أن الجنوب بعد انفصاله في السابق عاد بإرادته للوحدة مع الشمال في عام 1990 ، أي أن الحل ليس في الانفصال وإنما في التغيير في إطار الوحدة وتجنب تكرار ما حدث في السودان ، فأفراد الشعب الواحد لا يمكن فصلهم عن بعضهم البعض مهما كانت المبررات والخلافات وهذا ما تأكد أيضا في انهيار سور برلين وتوحد ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية بعد عقود من الانفصال والعداء.


ويبدو أن رئيس لجنة مرجعية العلماء باليمن الشيخ عبد المجيد الزنداني يدرك جيدا الحقيقة السابقة ولذا سارع للتأكيد في مؤتمر صحفي في 17 فبراير أن عملية التغيير يجب أن تكون عبر الانتخابات رغم تأييده حق الشعوب بالخروج إلى الشوارع والتظاهر ، قائلا :" نحن اليوم بين خيارين، إما أن نتصارع ونتقاتل وتسفك الدماء وإما أن تتفق جميع الأطراف في السلطة والمعارضة على أن يكون التغيير سلميا وعبر صناديق الاقتراع".

ورغم أن كثيرين يرون أن الرئيس علي عبد الله صالح يتحمل مسئولية ما وصل إليه اليمن ويشككون في جدوى وعوده بالتغيير ، إلا أن الأرجح أنه بدأ يعي درس ثورتي تونس ومصر ولذا سارع للإعلان مؤخرا أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة ، هذا بالإضافة إلى إصداره أوامر بتشكيل لجنة تحقيق في سقوط قتلى باشتباكات بين الأمن ومتظاهرين يطالبون بإسقاط نظامه وبالانفصال عن الشمال في مدينة المنصورة بمحافظة عدن يوم الأربعاء الموافق 16 فبراير.

وحتى إن كان صالح يحاول تجميل صورته وتبرئة ساحته من المسئولية الكاملة عن تدهور أوضاع البلاد بسبب الشماعة التي باتت جاهزة في هذا الصدد وهي البطانة أو الحاشية الفاسدة ، فإن توحد اليمنيين جميعا سواء في الشمال أو الجنوب خلف مبدأ التغيير والإصلاح في إطار الوطن الواحد من شأنه أن يسرع بإخراج البلاد من أزمتها والوصول بها إلى بر الأمان .

أزمة البحرين
http://www.daoo.org/infimages/myuppic/4d5e22fce05eb.jpg

وبالنسبة للبحرين ، فإن الأزمة الحالية ليست جديدة حيث أنها طالما شهدت توترات طائفية بلغت ذروتها في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ، إلا أنه منذ تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم عام 1999 وقيامه بإطلاق مشروعه الإصلاحي الذي أفرج بموجبه عن جميع الموقوفين وسمح للمعارضين في الخارج بالعودة إلى البلاد تنفس الجميع الصعداء وتراجعت بالفعل الاضطرابات الطائفية في المملكة التي يشكل الشيعة نحو 70 في المائة من عدد سكانها لكنها تخضع لحكم العائلة المالكة السنية .

ورغم أن الأمور حتى شهور قليلة مضت كانت تتسم بالهدوء إلا أنه فجأة تصاعد التوتر الأمر الذي أثار كثيرا من علامات الاستفهام ، ويبدو أن الإجابة لم تتأخر كثيرا وانحصرت في عدة تفسيرات من أبرزها الانتخابات البرلمانية والبلدية التي أجريت في 23 أكتوبر 2010 والتي سبقها ما أطلق عليه "تضييق" على المعارضة حيث أعلنت منظمة العفو الدولية أن نحو 250 معتقلا شيعيا اعتقلوا عشية الانتخابات ، كما شهدت المملكة بعد الانتخابات توترات طائفية جديدة على إثر اعتقال ومحاكمة ناشطين شيعة بتهمة السعي إلى تغيير النظام بوسائل غير مشروعة ، هذا بجانب تزايد ضيق الأغلبية الشيعية وخاصة بعد ظهور الأزمة المالية العالمية من احتكار معظم أفراد الأسرة الحاكمة ليس فقط للسلطة وإنما أيضا لثروات المملكة .

بل إنه وفيما ترى الأقلية السنية الحاكمة أن المعارضة الشيعية تنفذ أجندة إيرانية في البحرين وأن السلطات ضاقت ذرعا بممارساتها ، فإن المعارضة الشيعية تتهم الحكومة أيضا بتضييق الخناق على الشيعة حاليا في إطار ترتيبات إقليمية جديدة تشرف عليها أمريكا وتستهدف إيران بصفة خاصة وشيعة المنطقة بصفة عامة ، مشيرة إلى مساعي الحكومة لتجنيس آلاف الوافدين السنة لتغيير التركيبة السكانية في البحرين .
http://www.daoo.org/infimages/myuppic/4d5ce3b23384a.jpg

http://www.daoo.org/infimages/myuppic/4d5ce3d38a364.jpg
http://www.daoo.org/infimages/myuppic/4d5ce3ee6955e.jpg
http://www.daoo.org/infimages/myuppic/4d5ce4cff3ed5.jpgصحيح أن جذور الأزمة من وجهة نظر المعارضة الشيعية ترجع لغياب الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الذي من المفترض أن يضيق الفجوة الاقتصادية الحاصلة بين النخبة الحاكمة والأغلبية الشيعية إلا أنها تتهم الحكومة أيضاً بمنح حقوق المواطنة للسنة من سوريا واليمن والعراق ومقاطعة بلوشستان الباكستانية إضافة إلى تأمين سكنهم ووظائفهم حتى داخل السلك الأمني الذي يشقى الشيعة للدخول إليه بل ويدعي المشاركون في التظاهرات التي اندلعت في أغسطس الماضي بعد مزاعم عن مقتل شاب شيعي أن الانتشار الواسع لهؤلاء الأجانب المجنسين داخل القوات الأمنية هو السبب الرئيسي وراء استخدام العنف الواسع ضد المتظاهرين الشيعة .

وبصرف النظر عن التفسيرات السابقة ، فإن الاحتجاجات التي خرجت منذ منتصف فبراير تبدو هي الأخطر من نوعها بعد أن طالب البعض بالملكية الدستورية فيما رفع البعض شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" .

فمعروف أن الدعوة المنشورة على إحدى الصفحات على "فيس بوك" طالبت المتظاهرين بالضغط على النظام من أجل القيام بإصلاحات سياسية واجتماعية ورفعت شعار "الشعب يريد إصلاح النظام" ولكن الشعارات تحولت إلى "الشعب يريد إسقاط النظام" بعد انتشار خبر مقتل اثنين من المحتجين وسرعان ما زاد الغضب أكثر وأكثر بعد مقتل 3 أشخاص آخرين إثر تفريق الشرطة فجر الخميس الموافق 17 فبراير لاعتصام في حي اللؤلؤة بالمنامة وما أعقب ذلك من نشر وحدات من الجيش في العاصمة .

ورغم أن ملك البحرين حاول تهدئة الأمور بالإعلان عن صرف مبلغ 2700 دولار لكل عائلة وتخفيف الرقابة على وسائل الإعلام بالإضافة إلى تشكيل لجنة تحقيق حول مقتل متظاهرين ، إلا أن الغضب يبدو أنه وصل إلى ذروته وبات مطلب الملكية الدستورية يتصدر المشهد برمته ، حيث يؤكد المحتجون تمسكهم بالملك إلا أنهم شددوا على ضرورة وجود رئيس وزراء من خارج الأسرة الحاكمة .