محب الأخبار
02-19-2012, 02:53 PM
مباشرالعربية متابعة:
وبدلاً من أن تكون الفتوى والخطبة والموعظة وسائل اجتماع ورسالة نجاة ودلائل شريعة إلى الطريق الأمثل من الصواب، حوّل بعض مشايخ التلفزيون هذه الفتاوى، حتى حول القضية الواحدة، إلى ساحة يعبر منها الفرد إلى الشوارع المفتوحة على الجهات الأربع وحتى إلى الجهات الفرعية. وإذا ما التبست عليك قضية هذا المساء، فإن لك مما أردت أن تسلكه من (هوى النفس) حلولا، هي موجودة بمجرد – تدوير – الريموت كنترول وستجد بالصبر والانتظار وحسن الاختيار من سيعطي لك مخرجاً بتطويع الفتوى إلى التكييف الذي تريد. حتى – الربا – الواضح تحريمه بقطعية النصوص التي لا تحتمل التأويل، ستسمع من يعطيك له مخرجاً يوافق شيئاً من هوى الأنفس التي تخضع لحتمية العصر والزمن، وحتى حكم "النبيذ" الواضح دون أدنى شك أخذوه إلى التفاف لغوي عبر الفوارق بين "النبيذ" و"الانتباذ" وخلاف ما رأوه، ولم نقرأ عنه من قبل – كعوام – بين آراء مدارس البصرة والكوفة. صار رب الأسرة يخشى أن يترك – الريموت – ليد أطفاله المراهقين وشباب أسرته من الباحثين عن هذه المخارج التطويعية.
تمييع الدين، كمصطلح، لا يبدأ من دعاة اللبرلة ولا التغريب، فهؤلاء لا يثق بصوتهم أحد، ولكنه يبدأ عبر كثافة مشايخ التلفزيون، لأنهم يهزون الوجدان بنبرة خطاب الدين وينفذون إلى الأعماق بتأويل الحديث وتفسير الآية.
نحن مع هذه الكثافة المفرطة من تناول الفتوى، أشبه ما نكون في زمن جديد تكون فيه الفتوى برأسين متناقضين، ولكل رأس منهما دليله بحسب التطويع وتكييف الظرف حتى في أشد القضايا، وعلى رأسها حرمة الدم وقداسة النفس.
عدت من صلاة الجمعة بعد أن استمعنا من إمامنا الفاضل إلى خطبة رائعة المضامين عما يحدث لإخواننا في سورية من سفك للدماء واستباحة لأدنى المعايير الإنسانية التي رسمها هذا الدين العظيم للعلاقة بين الحاكم والمحكوم. وحين يكون الدين هو الفطرة الإنسانية وحين يكون الإثم ما حاك في النفس فإن الحكم على ما يحدث لأبناء هذا البلد المسلم الشقيق قد لا يحتاج إلى دليل أو عظيم اجتهاد ليعرف المرء أين وجهة الحق والحقيقة في تمحيص وتدليل هذه الفتنة التي رمت بثوبها الأسود على هذا الشعب، وبعيد صلاة الجمعة بقليل كنت أتابع الأحداث التي تزداد ذروتها في مثل هذه السويعات من كل أسبوع. وعلى القناة السورية الرسمية، كان خطيب الجمعة في جامع – الرئيس – من دمشق الشام يتناول ذات الأزمة. وفي لحظة ما، أحسست أنه يعيد إلى مسامعي ذات الآيات والأحاديث التي استمعت إليها من خطيب جمعتنا قبل قليل. وكل القصة في التطويع والتأويل وفي تفسيره للنصوص وإخضاعها للحالة التي يريد.
هو ذات الحديث الشريف، مثلما هي ذات الآية الإلهية المباركة التي تحرم سفك الدماء بغير حق وقتل الأبرياء دون ذنب أو تهمة بسند. ولكن الفارق أن – الأول – في جامع – الرئيس – قد قلب الأدوار ما بين الجلاد وبين الضحية. أصبح الضحية في تأويله وتفسيره هو الموقد لنار الفتنة وأصبح الضحية لديه هو القاتل الذي يسفك الدماء ويزهق الأنفس. أصبح الطريد في ثنايا هذا الخطاب الوعظي هو الخارج على الإمام مثلما هو المنشق عن وحدة الجماعة. أصبح – البعثي – لديه هو الإمام وأصبح الخارجون من مساجد الجمعة هم طلبة الفتنة. وبمثل هذا التكييف الممنهج لكافة أركان الوضع وأطرافه عبر استخدام لغة اشتقاقية من ذات الدين ينزل مباشرة إلى – موضعة – الأدلة على الحالة في سرد يحاول الإقناع، وكل القصة أن – الفرد – من مثلي يستمع لذات الأدلة في خطبتين متتاليتين. الآن، تطوف بي عشرات الحالات لعشرات القضايا الكبرى التي انبرى لها هواة تمييع الدين وهم من المشتغلين به من داخل الخطاب. أنا لا أتحدث هنا عن الحالات المحمودة لاختلاف العلماء في القضايا الفقهية اليومية. أنا أتحدث عن قضايا في الأصول.
أختم أن هذا الدين العظيم، ومثلما قلت من قبل، هو ضحية الكثافة الهائلة في الأدبيات لمن اشتغلوا به وفيه على مر القرون. ومن يستمع إلى هذا المد الهائل من التطويع والتمييع سيلحظ أن هؤلاء يعتمدون على اقتباسات هائلة من الأدبيات التي كتبها الآلاف عبر القرون، ويرقصون على التأويلات المخالفة المختلفة من بطون كتب التراث في إهمال متعمد للمنبع والأصل.
لم يعد أحد يتحدث عن المصدر من ولادة هذا الدين أو فجره بل يأخذون من ضحاه ومما كتب من حوله بعد قرون من بشارته. سيلحظ المتابع أن آلاف المنابر وعشرات القنوات والمواقع وآلاف المشتغلين بالدين هم السبب لأن كل فرد منهم سيهرب من نمط التكرار إلى الإثارة. سيهرب من تكرار – المسموع من قبل – إلى ساحة التجديد كي يأتي بجديد. سيهرب من دائرة – جمهور العلماء – إلى أضواء مختلفة كي يبدو شيخاً تلفزيونياً برؤية مختلفة.
وبدلاً من أن تكون الفتوى والخطبة والموعظة وسائل اجتماع ورسالة نجاة ودلائل شريعة إلى الطريق الأمثل من الصواب، حوّل بعض مشايخ التلفزيون هذه الفتاوى، حتى حول القضية الواحدة، إلى ساحة يعبر منها الفرد إلى الشوارع المفتوحة على الجهات الأربع وحتى إلى الجهات الفرعية. وإذا ما التبست عليك قضية هذا المساء، فإن لك مما أردت أن تسلكه من (هوى النفس) حلولا، هي موجودة بمجرد – تدوير – الريموت كنترول وستجد بالصبر والانتظار وحسن الاختيار من سيعطي لك مخرجاً بتطويع الفتوى إلى التكييف الذي تريد. حتى – الربا – الواضح تحريمه بقطعية النصوص التي لا تحتمل التأويل، ستسمع من يعطيك له مخرجاً يوافق شيئاً من هوى الأنفس التي تخضع لحتمية العصر والزمن، وحتى حكم "النبيذ" الواضح دون أدنى شك أخذوه إلى التفاف لغوي عبر الفوارق بين "النبيذ" و"الانتباذ" وخلاف ما رأوه، ولم نقرأ عنه من قبل – كعوام – بين آراء مدارس البصرة والكوفة. صار رب الأسرة يخشى أن يترك – الريموت – ليد أطفاله المراهقين وشباب أسرته من الباحثين عن هذه المخارج التطويعية.
تمييع الدين، كمصطلح، لا يبدأ من دعاة اللبرلة ولا التغريب، فهؤلاء لا يثق بصوتهم أحد، ولكنه يبدأ عبر كثافة مشايخ التلفزيون، لأنهم يهزون الوجدان بنبرة خطاب الدين وينفذون إلى الأعماق بتأويل الحديث وتفسير الآية.
نحن مع هذه الكثافة المفرطة من تناول الفتوى، أشبه ما نكون في زمن جديد تكون فيه الفتوى برأسين متناقضين، ولكل رأس منهما دليله بحسب التطويع وتكييف الظرف حتى في أشد القضايا، وعلى رأسها حرمة الدم وقداسة النفس.
عدت من صلاة الجمعة بعد أن استمعنا من إمامنا الفاضل إلى خطبة رائعة المضامين عما يحدث لإخواننا في سورية من سفك للدماء واستباحة لأدنى المعايير الإنسانية التي رسمها هذا الدين العظيم للعلاقة بين الحاكم والمحكوم. وحين يكون الدين هو الفطرة الإنسانية وحين يكون الإثم ما حاك في النفس فإن الحكم على ما يحدث لأبناء هذا البلد المسلم الشقيق قد لا يحتاج إلى دليل أو عظيم اجتهاد ليعرف المرء أين وجهة الحق والحقيقة في تمحيص وتدليل هذه الفتنة التي رمت بثوبها الأسود على هذا الشعب، وبعيد صلاة الجمعة بقليل كنت أتابع الأحداث التي تزداد ذروتها في مثل هذه السويعات من كل أسبوع. وعلى القناة السورية الرسمية، كان خطيب الجمعة في جامع – الرئيس – من دمشق الشام يتناول ذات الأزمة. وفي لحظة ما، أحسست أنه يعيد إلى مسامعي ذات الآيات والأحاديث التي استمعت إليها من خطيب جمعتنا قبل قليل. وكل القصة في التطويع والتأويل وفي تفسيره للنصوص وإخضاعها للحالة التي يريد.
هو ذات الحديث الشريف، مثلما هي ذات الآية الإلهية المباركة التي تحرم سفك الدماء بغير حق وقتل الأبرياء دون ذنب أو تهمة بسند. ولكن الفارق أن – الأول – في جامع – الرئيس – قد قلب الأدوار ما بين الجلاد وبين الضحية. أصبح الضحية في تأويله وتفسيره هو الموقد لنار الفتنة وأصبح الضحية لديه هو القاتل الذي يسفك الدماء ويزهق الأنفس. أصبح الطريد في ثنايا هذا الخطاب الوعظي هو الخارج على الإمام مثلما هو المنشق عن وحدة الجماعة. أصبح – البعثي – لديه هو الإمام وأصبح الخارجون من مساجد الجمعة هم طلبة الفتنة. وبمثل هذا التكييف الممنهج لكافة أركان الوضع وأطرافه عبر استخدام لغة اشتقاقية من ذات الدين ينزل مباشرة إلى – موضعة – الأدلة على الحالة في سرد يحاول الإقناع، وكل القصة أن – الفرد – من مثلي يستمع لذات الأدلة في خطبتين متتاليتين. الآن، تطوف بي عشرات الحالات لعشرات القضايا الكبرى التي انبرى لها هواة تمييع الدين وهم من المشتغلين به من داخل الخطاب. أنا لا أتحدث هنا عن الحالات المحمودة لاختلاف العلماء في القضايا الفقهية اليومية. أنا أتحدث عن قضايا في الأصول.
أختم أن هذا الدين العظيم، ومثلما قلت من قبل، هو ضحية الكثافة الهائلة في الأدبيات لمن اشتغلوا به وفيه على مر القرون. ومن يستمع إلى هذا المد الهائل من التطويع والتمييع سيلحظ أن هؤلاء يعتمدون على اقتباسات هائلة من الأدبيات التي كتبها الآلاف عبر القرون، ويرقصون على التأويلات المخالفة المختلفة من بطون كتب التراث في إهمال متعمد للمنبع والأصل.
لم يعد أحد يتحدث عن المصدر من ولادة هذا الدين أو فجره بل يأخذون من ضحاه ومما كتب من حوله بعد قرون من بشارته. سيلحظ المتابع أن آلاف المنابر وعشرات القنوات والمواقع وآلاف المشتغلين بالدين هم السبب لأن كل فرد منهم سيهرب من نمط التكرار إلى الإثارة. سيهرب من تكرار – المسموع من قبل – إلى ساحة التجديد كي يأتي بجديد. سيهرب من دائرة – جمهور العلماء – إلى أضواء مختلفة كي يبدو شيخاً تلفزيونياً برؤية مختلفة.