تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عمرا بابيتش... عمدة مدينة اوروبية تُصر على ارتداء الحجاب رغم مبادرات الحظر


كوفي
12-03-2012, 04:27 PM
ايلاف(ضوء):


تصر عمرا بابيتش عمدة مدينة فوسوكو البوسنية على ارتداء الحجاب، رغم مبادرة حكومات اوروبية بحظره في الاماكن العامة، لكن بابيتش (43 عاماً) ترى ان الحجاب سيساهم في نجاحها، كما ساعدها على تربية ابنائها الثلاثة بعد استشهاد زوجها في حرب الصرب، مشيرة الى ان الحجاب يتوازى مع القيم الغربية.

فعندما تطوف "عمرا بابيتش" شوارع مدينة "فوسوكو"، واضعة الحجاب الاسلامي على شعرها، يهرول الرجال الجالسون في المقاهي بالوقوف، وإطفاء السجائر التي يدخنونها، وضبط كافة تفاصيل مظهرهم، اجلالاً واحتراماً لها، ولم يكن هذا الاحترام والتقدير مفاجئاً، فالسيدة بابيتش هى الرئيس الجديد لمدينة فوسوكو البوسنية، وتعد سيدة الاقتصاد البالغة من العمر 43 عاماً، اول سيدة بوسنية تحاول تفجير الرتابة الثقافية لدى الشعب البوسني واوروبا بشكل عام، حينما اصرت على ارتداء الحجاب رغم توليها منصب رئيس مدينة فوسوكو.

تواز مع قيم الغرب

http://www.daoo.org/dim/contents/myuppic/050bc66e70a1a9.JPG

وجاء فوز عمرا بابيتش في 7 تشرين الاول (اكتوبر) برئاسة المدينة، في التوقيت الذي بادرت معظم الحكومات الاوروبية فرض حظر على ارتداء الحجاب الاسلامي في الاماكن العامة، وفي وقت تصر فيه تركيا التي تحاول الانضمام للاتحاد الاوروبي على تحييد الشعارات الدينية بعيداً عن الحياة العامة، ترى بابيتش ان نجاحها السياسي، يؤكد ان الالتزام بالشريعة الاسلامية، يمكن ان يتوازى في خط واحد مع قيم الغرب.

وتقول عمرا بابيتش ان فوزها في الانتخابات يعد انتصاراً على المعاناة، إذ انها ترملت بعد وفاة زوجها في الحرب يوغوسلافيا الضارية منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتضيف في حديث لصحيفة هيرالد تريبيون: "نحن نبعث من هنا من مدينة فوسوكو برسالة تحمل معاني الصبر والديمقراطية والمساواة، وأنا لا اجد تعارضاً بين هذه القيم الانسانية، فانا الشرق وأنا ايضاً الغرب، وأنا افتخر لكوني مسلمة ولكوني اوروبية في الوقت عينه، كما انني قادمة من دولة، تضم ديانات وحضارات وثقافات مختلفة، لكنها تعيش جميعاً في وطن واحد، فجميع ذلك يشكل جانباً كبيراً من هويتي".

لمئات السنين كانت البوسنة مسرحاً لحروب ومشاحنات ضارية ثقافية ودينية، وكان المسلمون فيها الطرف الضعيف، وكثيراً ما خاض الصرب الارثوزوكس والكروات الكاثوليك معارك دامية، إلا ان الطرفين عاشا بعد تلك الحروب في امن وسلام جنباً الى جنب، ففي تسعينيات القرن الماضي تفكك الاتحاد اليوغوسلافي، بعد ان تم تدشينه منذ عام 1945، واستعر لهيب حرب البلقان، واستعرت معها نيران الكراهية الاثنية، التي سبق وأخمدها نظام الحكم الشيوعي اليوغوسلافي، لكنها عاودت الانفجار لتنتشر في مختلف الاتجاهات، فسقطت الاغلبية البوسنية المسلمة قرباناً للقتل من قبل الصرب، الذين تطلعوا الى اقامة دولتهم المستقلة، الاكثر من ذلك ان الكروات والمسلمين، الذين كانوا رسمياً متحالفين ضد الصرب، حارب كلاهما الاخر في مناطق الجوار المشترك.

فكر اسلامي معتدل

وتشير معلومات صحيفة الهيرالد تريبيون الى ان مسلمي البوسنة ينتمون الى السنّة الحنيفية، ويميلون الى الفكر الاسلامي المعتدل، الذي انتقل اليهم عبر الاتراك العثمانيين، الذين كانوا احتلوا منطقة البلقان خلال القرن الخامس عشر الميلادي.

قليلة هن النساء اللاتي تغطين رؤوسهن في البوسنة حالياً، اما بابيتش فتصر على ارتداء الحجاب في اي مكان ترتاده، وتشير سيرتها الذاتية الى انها اقتصادية وسياسية من الدرجة الاولى، لعبت دوراً بارزاً في نهضة البوسنة من غبار الحرب، التي حصدت ارواح ما يربو على مائة الف ضحية، واجتثت الملايين من منازلهم.

في الماضي عملت بابيتش مراقبة مالية في احد البنوك، وشغلت منصب وزيرة مالية اقليمية، قبل اتخاذها قرار بالمنافسة على مقعد رئاسة مدينة فوسوكو، وحالياً وفقاً لحديثها، تؤكد انها على استعداد لادارة المدينة لمدة اربع سنوات بكفاءة واقتدار، رغم انه يعيش في المدينة ما يربو على 45.000 نسمة، معظمهم من المسلمين.

وترغب بابيتش في اعادة بناء البنى التحتية، التي اضيرت نسبيا جراء الحرب، او تلك التي تهاوت نتيجة للفقر الذي خلفته الحرب، وتعتزم ان تحوّل مدينة فوسوكو التي تبعد 15 كيلو متراً عن العاصمة سراييفو الى اكثر المدن جذباً للاستثمار، وتشجيعاً للشباب على اقامة مشروعات صغيرة، واكدت ان ذلك جزءاً من تحديها امام مشكلة البطالة التي وصلت نسبتها في المدينة الى 25%.

المواطن البوسني "موريس كرابديتش" يقول: "نحن فخورين بانتخاب بابيتش رئيسة لمدينتنا"، وبحسب حديث المواطن البالغ من العمر 38 عاماً، صاحب احد المشروعات الصغيرة في المدينة: "ليس هناك فارق بين ان تغطي بابيتش شعرها او لا، المهم انها حكيمة وعلى دراية واسعة باللعبة الاقتصادية".

تحطيم الحواجز والآراء القديمة

وترى رئيسة مدينة فوسوكو انها نجاحها في انتخابات رئاسة المدينة، حطم العديد من الحواجز والاراء البوسنية القديمة، التي كانت تعارض قيادة المراة او انشغالها بالعمل العام او توليها المناصب القيادية، كما حطم فوزها بالمنصب الاراء القديمة المتعلقة بحجاب المراة في ظل نظام الحكم الشيوعي البائد، وتقول في حديثها لصحيفة هيرالد تريبيون: "منذ مئات السنين لم تتوجه النساء البوسنيات الى المدارس، ولم يغادر بعضهن المنزل، فرعاية الاطفال والتزام المنزل، شكل نمطاً طبيعياً للمراة في البوسنة زهاء مئات السنين، الا انه بعد حكم الشيوعيين في يوغوسلافيا، بات التعليم مفروضاً بالقانون، وانقلبت وضعية المرأة رأساً على عقب، واصبحت المراة تدرس في الجامعات وحصلوا على استقلالية مادية".

وتنتقد بابيتش من يروجون الى ان حجاب المراة بات رمزاً للتخلف والجاهلية، او نتيجة لضغوط يمارسها الازواج على زوجاتهم، وتقول: "انا ارتدي الحجاب رغم اني ارملة، واستشهد زوجي في الحرب، حينما كان يقاتل في صفوف الجيش البوسني".

كما تؤكد بابيتش ان دينها وعملها ساعداها على تجاوز ازمة وفاة زوجها والتغلب عليها تماماً، كما انها تمكنت بمفردها رغم هذه الظروف من تربية ابنائها الثلاثة، بالاضافة الى ممارسة حياتها العملية بجد ونشاط، وتضيف بابيتش: "في نهاية المطاف تمكنا في البوسنة من القضاء على الافكار القديمة البالية، وتغلبنا على الثقافة المناوئة لدور المرأة المجتمعي، ويعود انتصارنا الى ثلاثة محاور، اولها: الانتصار على الافكار الرافضة لعمل المرأة السياسي، ثانياً: جابهنا الاراء الرافضة لارتداء المراة المسلمة للحجاب، ثالثاً: انتصرنا على كل من حاول منع المرأة من العمل السياسي وهى ترتدي الحجاب".

وينص الدستور في البوسنة على الا يقل عدد النساء في مختلف الانتخابات عن 30% من نسبة المرشحين، الا ان البوسنيين لا يميلون الى انتخاب المرأة في العمل العام، ولم ينتخب البوسنيون سوى 5 فقط من بين 105 بوسنيات، ترشحوا في انتخابات رئاسة المدن.